للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - عن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: شهدنا القادسية مع سعد، ونحن يومئذ لا نجد سبيلا إلى المسلمات، فتزوجنا اليهوديات والنصرانيات، فمنا من طلق ومنا من لم يطلق، نساؤهم لنا حل، ونساؤنا عليهم حرام (١).

• الخلاف في المسألة: ورد عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كان لا يرى نكاح الكتابية، فقد أخرج البخاري عنه: أنه إذا سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية قال: إن اللَّه حرّم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم من الإشراك شيئًا أكبر من أن تقول المرأة: ربها عيسى، وهو عبد من عباد اللَّه (٢).

قال ابن حجر: هذا مصير من ابن عمر إلى استمرار حكم قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١]، وأنها ناسخة لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] (٣).

النتيجة: أولًا: تحقق الإجماع على جواز نكاح حرائر أهل الكتاب.

ثانيًا: لا ينظر لخلاف ابن عمر؛ لما يأتي:

١ - يحمل تخصيص المنع من ابن عمر لمن يشرك من أهل الكتاب، ولا يعتقد أن الإله واحد وهو اللَّه سبحانه وتعالى (٤).

٢ - الذي عليه الجمهور أن آية المائدة، نسخت آية البقرة (٥). وقال آخرون: ليس هذا نسخًا؛ فإن لفظة المشركين بإطلاقها لا تتناول أهل الكتاب، بدليل قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١)} [البينة: ١]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [البينة: ٦]، وغيرها من الآيات، فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب (٦).

٣ - آية المائدة خاصة في حل أهل الكتاب، وآية البقرة عامة في كل كافرة،


(١) أخرجه البيهقي (٧/ ١٧٢)، وعبد الرزاق (١٢٦٧٧) (٧/ ١٧٨).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٨٥) (٦/ ٢١١).
(٣) "فتح الباري" (٩/ ٥٠٢).
(٤) "فتح الباري" (٩/ ٥٠٢).
(٥) "تفسير الطبري" (٢/ ٣٧٦)، "الجامع لأحكام القرآن" (٣/ ٦٣) "فتح الباري" (٩/ ٥٠٢).
(٦) "تفسير الطبري" (٢/ ٣٦٧)، "الجامع لأحكام القرآن" (٣/ ٦٤)، "المغني" (٩/ ٥٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>