للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن امرأة رفاعة (١) لما تزوجت عبد الرحمن بن الزبير (٢)، أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: إن زوجي أبتّ طلاقي، وقد تزوجتُ عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة (٣) الثوب، فقال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك" (٤).

• وجه الدلالة: دل الحديث على أن المرأة لا تحل لزوجها الذي طلقها إلا بعد أن تتزوج زوجًا غيره، فيطأها وطءًا صحيحًا.

• الخلاف في المسألة: أولًا: نقل عن سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير؛ أنهما قالا: يجوز أن ترجع المرأة إلى زوجها الأول إذا طلقها الثاني، وإن لم يمسها، ولا يشترط في ذلك سوى العقد (٥). وهو قول الخوارج (٦).

• دليل هذا القول: قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}. [البقرة: ٢٣٠].

• وجه الدلالة: دلت الآية على أن للزوج أن يعود لزوجته إذا طلقها زوجها الثاني، وليس هناك ذكر للمسيس في هذا الموضع (٧).

ثانيًا: ذهب الحسن البصري إلى القول بأن المرأة لا تحل لزوجها الأول حتى يطأها زوجها الثاني، ولا بد فيه من الإنزال (٨).


(١) هو رفاعة بن سِمْوَال القرظي، من بني قريظة، وهو خال صفية أم المؤمنين، وهو الذي طلق امرأته ثلاثًا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير، واسم امرأته: تميمة بنت وهب، وقيل: سهيمة. انظر ترجمته في: "الاصابة" (٢/ ٤٠٨)، "أسد الغابة" (٢/ ٢٨٣).
(٢) هو عبد الرحمن بن الزَّبير -بفتح الزاي- بن زيد الأوسي، وقيل: عبد الرحمن بن الزبير بن باطا القرظي، وهو الذي تزوج امرأة رفاعة لما طلقها ثلاثًا. انظر ترجمته في: "الإصابة" (٤/ ٢٥٨)، "أسد الغابة" (٣/ ٤٤٢).
(٣) أرادت بذلك متاعه، وأنه رخو مثل طرف الثوب، لا يُغني عنها شيئا. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٥/ ٢١٦).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) "الإشراف" (١/ ١٧٨)، "الاستذكار" (٥/ ٤٤٧)، "الجامع لأحكام القرآن" (٣/ ١٣٦)، "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٤).
(٦) "الإشراف" (١/ ١٧٩)، "فتح الباري" (٩/ ٥٦٣).
(٧) "الاستذكار" (٥/ ٤٤٧).
(٨) "الاستذكار" (٥/ ٤٤٧)، "الجامع لأحكام القرآن" (٣/ ١٣٦)، "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>