للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثنتين في الطلاق دفعة واحدة جاز جمع الثلاث (١).

عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمر العجلاني أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وسط الناس، فقال: يا رسول اللَّه، أرأيت لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قد أنزل اللَّه فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها"، قال سهل: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول اللَّه إن أنا أمسكتها، فطلَّقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

• وجه الدلالة: دل الحديث على أن الطلقات الثلاث إذا وقعت بكلمة واحدة، فإنها تقع، وتبين بها الزوجة؛ لأن عويمرًا طلق زوجته ثلاثًا ولم ينكر عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدل على إباحة الطلاق بالثلاث، وأنها تقع (٣).

عن محمود بن لبيد (٤) قال: أُخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فغضب، ثم قال: "أيُلعب بكتاب اللَّه وأنا بين أظهركم؟ "، حتى قام رجل فقال: يا رسول اللَّه: ألا أقتله؟ (٥).

• وجه الدلالة: في هذا الحديث دليل على أن الطلاق بالثلاث قد وقع في عصره -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦).


(١) "المحلى" (٩/ ٣٩٣)، "الحاوي" (١٢/ (٣٣٨٤)، "سبل السلام" (٣/ ٣٣٢)، "نيل الأوطار" (٧/ ١٦).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) "الأم" (٥/ ٢٦٥)، "المغني" (١٠/ ٣٣٠).
(٤) هو محمود بن لبيد بن رافع الأشهلي الأوسي الأنصاري، ولد في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحدّث عنه، ذكر في التابعين، وصحح غير واحد أن له رؤية، وأنه قال: أسرع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما مات سعد بن معاذ حتى تقطعت نعالنا، وهذا ظاهر أنه حضر ذلك، توفي سنة (٩٦ هـ). انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٥/ ١١٢)، "الإصابة" (٦/ ٣٥).
(٥) أخرجه النسائي (٣٤٠١) (٦/ ١٠٤)، قال ابن حجر: رجاله ثقات، لكن محمود بن لبيد لم يثبت له من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سماع؛ لأنه ولد في عهده -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال ابن القيم: إسناده على شرط مسلم، ومخرمة ثقة بلا شك، وقد احتج مسلم بحديثه عن أبيه.
انظر: "فتح الباري" (٩/ ٤٣٨)، "زاد المعاد" (٥/ ٢٤١).
(٦) "سبل السلام" (٣/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>