للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن ركانة بن عبد يزيد (١) طلق امرأته البتّة، فأخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، وقال: واللَّه ما أردت إلا واحدة، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واللَّه ما أردت إلا واحدة؟ "، فقال ركانة: واللَّه ما أردت إلا واحدة، فردها إليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فطلقها الثانية في زمن عمر، والثالثة في زمن عثمان (٢).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استحلفه أنه ما أراد إلا واحدة، وفي ذلك دليل على أنه لو أراد ثلاثًا لوقعت، وإلا لما كان لتحليفه معنى (٣).

• الخلاف في المسألة: أولًا: يقع الطلاق بالثلاث واحدة رجعية، وهو ثابت عن ابن عباس، ونقل عن علي، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير -رضي اللَّه عنهم-، وهو قول طاوس، وعكرمة، وعطاء، وعمرو بن دينار، والحجاج بن أرطاة (٤)، ومحمد بن إسحاق (٥) في رواية عنهما (٦). وهو اختيار ابن تيمية، وابن القيم (٧)، وهو قول المجد


(١) هو ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، وهو الذي صارعه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصرعه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان من أشد قريش، وهو من مسلمة الفتح، توفي في زمن عثمان، وقيل: في خلافة معاوية سنة (٤٦ هـ).
انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٢/ ٢٩٣)، "الإصابة" (٢/ ٤١٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٢٠٦) (٢/ ٢٦٣)، والترمذي (١١٨٠) (٢/ ٣٩٤)، وابن ماجه (٢٠٥١) (١/ ٦٤٣). قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: فيه اضطراب. ويروى عن عكرمة عن ابن عباس: أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا.
(٣) "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٦١)، "نيل الأوطار" (٧/ ١٧).
(٤) الحجاج بن أرطاة النخعي، الكوفي، من فقهائها، تركه ابن مهدي، والقطان، وقال أحمد: لا يحتج به، وقال ابن عدي: ربما أخطأ ولم يتعمد، ووثقه جماعة، قال ابن معين: (صدوق يدلس، خرّج له مسلم مقرونًا بغيره، توفي سنة (١٤٩)، وقيل: سنة (١٥٠ هـ). انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب" (٢/ ١٧٢)، "شذرات الذهب" (١/ ٢٢٩).
(٥) هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم، المدني، صاحب السيرة، رأى أنسًا وغيره، كان ذكيًّا حافظًا، من بحور العلم، قال ابن معين: ثقة؛ وليس بحجة، وقال أحمد: هو حسن الحديث، وقيل: ثقة ما لم يعنعن فيخشى منه التدليس، توفي سنة (١٥١ هـ). انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب" (٩/ ٣٤)، "شذرات الذهب" (١/ ٢٣٠).
(٦) "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٦٠)، "فتح الباري" (٩/ ٤٣٨).
(٧) "زاد المعاد" (٥/ ٢٤٨)، "إغاثة اللهفان" (١/ ٢٨٣) "الإنصاف" (٨/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>