للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن تيمية، وكان يفتي به سرًّا (١). وإلى هذا القول مال الصنعاني (٢)، والشوكاني (٣)، والشيخ ابن باز من المعاصرين (٤).

• أدلة هذا القول:

١ - عن طاوس عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم (٥).

٢ - عن طاوس أن أبا الصهباء (٦) قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر، وثلاثًا من إمارة عمر؟ فقال ابن عباس: نعم (٧).

٣ - ذكر ابن القيم أن هذا القول عليه الإجماع قبل عصر عمر -رضي اللَّه عنه- فقال: "كل صحابي من لدن خلافة الصديق إلى ثلاث سنين من خلافة عمر كان على أن الثلاث واحدة فتوى، أو إقرارًا، أو سكوتًا، ولهذا ادعى بعض أهل العلم أن هذا إجماع قديم، ولم تجمع الأمة وللَّه الحمد على خلافه، بل لم يزل فيهم من يفتي به قرنًا بعد قرن، وإلى يومنا هذا" (٨). وقال أيضًا: "وأما أقوال الصحابة: فيكفي كون ذلك على عهد الصديق، ومعه جميع الصحابة، لم يختلف عليه منهم أحد، ولا حكي في زمانة القولان، حتى قال بعض أهل العلم: إن ذلك إجماع قديم، وإنما حدث الخلاف في زمن عمر -رضي اللَّه عنه-، واستمر الخلاف في المسألة إلى وقتنا هذا" (٩). وقال أيضًا: "فنحن أحق بدعوى الإجماع منكم؛ لأنه لا يُعرف في عهد الصديق أحد رد ذلك ولا خالفه، فإن كان إجماع فهو من جانبنا أظهر ممن يدعيه من نصف خلافة عمر -رضي اللَّه عنه-، وهلم


(١) "الإنصاف" (٨/ ٤٥٣)، "إغاثة اللهفان" (١/ ٣٢٧)، "إعلام الموقعين" (٢/ ٤٠).
(٢) "سبل السلام" (٣/ ٣٣٤).
(٣) "نيل الأوطار" (٧/ ١٩).
(٤) "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (٢١/ ٤٣٨).
(٥) أخرجه مسلم (١٤٧٢) "شرح النووي" (١٠/ ٦٠).
(٦) هو أبو الصهباء صهيب البكري البصري، ويقال: المدني، مولى ابن عباس، روى عن مولاه عبد اللَّه بن عباس، وعلي، وابن مسعود، روى عنه سعيد بن جبير، وطاوس بن كيسان، قال أبو زرعة: مدني ثقة. انظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (٤/ ٣١٦)، "تهذيب الكمال" (١٣/ ٢٤٠).
(٧) أخرجه مسلم (١٤٧٢) "شرح النووي" (١٠/ ٦٠).
(٨) "إعلام الموقعين" (٢/ ٤٠).
(٩) "إغاثة اللهفان" (١/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>