للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرًّا، فإنه لم يزل الاختلاف فيها قائمًا، وذكره أهل العلم في مصنفاتهم قديمًا وحديثًا" (١).

٤ - وقال ابن تيمية: "لم ينقل أحد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بإسناد مقبول أن أحدًا طلق امرأته ثلاثًا بكلمة واحدة فألزمه الثلاث، بل روي في ذلك أحاديث كلها كذب، باتفاق أهل العلم" (٢).

• ثانيًا: من قال: إن الطلاق بالثلاث مجتمعات لا تقع، بل تُرد لأنها بدعة، والبدعة مردودة -حكاه ابن حزم، وابن القيم، دون أن ينسباه لقائله (٣).

ونسبه غيرهما لابن إسحاق في رواية، والحجاج بن أرطاه في الرواية المشهورة عنه، وهو قول الرافضة (٤).

• أدلة هذا القول:

١ - قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: الآية ٢٢٩].

• وجه الدلالة: شرط اللَّه سبحانه وتعالى أن تقع الطلقة الثالثة في حال يصح من الزوج فيها الإمساك، وإذا لم يصح الإمساك إلا بعد مراجعة فلا تصح الثالثة إلا بعد مراجعة أيضًا، وما يلزم في الثالثة يلزم في الثانية (٥).

٢ - قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (٦)

• وجه الدلالة: الطلاق بالثلاث ليس عليه أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوجب أن يرد (٧).

٣ - ما وقع في بعض طرق حديث ركانة، فقد روى ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فسأله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثًا فى مجلس واحد، قال: "إنما تلك واحدة، فارتجعها إن شئت" (٨).

• وجه الدلالة: قال ابن إسحاق: أرى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رد على ركانة امرأته؛ لأنه


(١) "إغاثة اللهفان" (١/ ٢٨٩).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٣٣/ ٧٣).
(٣) "المحلى" (٩/ ٣٨٤)، "زاد المعاد" (٥/ ٢٤٧).
(٤) "الاستذكار" (٦/ ٨)، "فتح الباري" (٩/ ٤٣٩)، "زاد المعاد" (٩/ ٢٤٧)، "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٦٠)، "زاد المعاد" (٥/ ٢٤٨).
(٥) "نيل الأوطار" (٧/ ١٩).
(٦) سبق تخريجه.
(٧) "نيل الأوطار" (٧/ ١٩).
(٨) أخرجه أحمد في "المسند" (٢٣٨٧) (٤/ ٢٥١)، والبيهقي في "الكبرى" (٧/ ٣٣٩). =

<<  <  ج: ص:  >  >>