للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءت امرأة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يا رسول اللَّه، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها؛ أفنكحلها؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا"، مرتين، أو ثلاثًا، كل ذلك يقول: لا، ثم قال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة (١) على رأس الحول" (٢).

٢ - عن أم حبيبة -رضي اللَّه عنهما- قالت: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" (٣).

• وجه الدلالة: دل الحديث على أنه لا يجوز أن تتجاوز المرأة في الإحداد أربعة أشهر وعشرا التي هي مدة عدة الوفاة، ولو كانت عدة الوفاة هي الحول لجاز الإحداد حولًا كاملًا.

• الخلاف في المسألة: ذهب مجاهد إلى عدم القول بالنسخ، وأنه يُعمل بكلتا الآيتين، فتعتد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا، وتبقى عند أهلها بعد العدة سبعة أشهر وعشرين ليلة، فهذا حول كامل (٤).

• دليل هذا القول: أن آية الحول في التلاوة بَعدَ آيةِ الأربعةِ أشهرٍ وعشرٍ، فلا يكون الناسخ قبل المنسوخ (٥).

النتيجة: تحقق الإجماع على أن الحول في عدة الوفاة منسوخ بأربعة أشهر وعشر، والذي يدعو إلى القول بتحقق الإجماع ما يلي:


(١) المراد برمي البعرة على رأس الحول: أن المعتدة إذا توفي عنها زوجها، دخلت بيتًا حقيرًا صغيرًا، قريب السقف، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبًا، ولا ماءً ولا تقلم ظفرًا، حتى تخرج بعد الحول بأقبح منظر، فتؤتى بدابة أو طائر، فتتمسح به، فقلما تؤتى بشيء إلا مات، ثم تخرج فتغتسل بالماء فتعطى بعرة، فترمي بها، ثم تتطيب وتتزين.
انظر: "شرح النووي على مسلم" (١٠/ ٩٣).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٣٦) (٦/ ٢٢٧)، ومسلم (١٤٨٨) "شرح النووي" (١٠/ ٩٢).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) "تفسير الطبري" (٢/ ٥٨١)، "الجامع لأحكام القرآن" (٣/ ٢٠٧)، "فتح الباري" (٩/ ٥٩٤).
(٥) "فتح الباري" (٩/ ٥٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>