للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أدلة هذا القول:

١ - قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣].

• وجه الدلالة: أمر اللَّه -سبحانه وتعالى- الوالدات برضاع أبنائهن عامين، وليس فيها تحريم الرضاعة بعد الحولين، ولا أن التحريم ينقطع بتمامهما (١).

٢ - قال تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣].

• وجه الدلالة: حرم اللَّه -سبحانه وتعالى- الأم المرضع، والأخت من الرضاعة، ولم يقيد الرضاع المحرم بما كان في الحولين (٢).

٣ - عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: إن سالمًا (٣) مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة (٤) وأهله في بيتهم، فأتت سهلة (٥) النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: إن سالمًا قد بلغ مبلغ الرجال، وعقل ما عقلوا، وأنه يدخل علينا، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئًا.

فقال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرضعيه تحرمي عليه، ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة"، فرجعت فقالت: إني قد أرضعته، فذهب الذي في نفس أبي حذيفة (٦).

• وجه الدلالة: مثل هذا الحديث يرفع الإشكال في أن الرضاعة المحرِّمة ما كانت في الحولين، فهذا سالم قد ارتضع، وهو كبير قد عقل ما يعقله الرجال (٧).

النتيجة: أولًا: عدم تحقق ما ذكر من الاتفاق على أن الرضاع الذي يحرم هو ما كان في الحولين؛ وذلك لوجود خلاف عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، وابن حزم الظاهري، وابن تيمية، بأن رضاع الكبير بعد الحولين ينشر الحرمة.


(١) "المحلى" (١٠/ ٢١٠).
(٢) "المحلى" (١٠/ ٢١٠).
(٣) هو سالم مولى أبي حذيفة، من أهل فارس، وكان من فضلاء الصحابة وكبارهم، هاجر إلى المدينة قبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان يؤم المسلمين بها؛ لأنه كان أكثرهم قرآنًا، شهد بدرًا وما بعدها، والمشاهد كلها حتى قتل يوم اليمامة. انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٢/ ٣٨٢)، "الإصابة" (٣/ ١١).
(٤) هو أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي، قيل اسمه: مهشِّم، وقيل: هاشم، أسلم قبل دخول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دار الأرقم، وهاجر إلى الحبشة، وكان من فضلاء الصحابة، شهد المشاهد كلها مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقتل يوم اليمامة شهيدًا. انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٦/ ٦٨)، "الإصابة" (٧/ ٧٤).
(٥) هي سهلة بنت سهيل بن عمرو، زوج أبي حذيفة، من السابقين الأولين إلى الإسلام، هاجرت إلى الحبشة مع زوجها، فولدت له ابنه محمدًا. انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٧/ ١٥٤)، "الإصابة" (٨/ ١٩٣).
(٦) أخرجه مسلم (١٤٥٣) "شرح النووي" (١٠/ ٢٨).
(٧) "المحلى" (١٠/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>