للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، قالت: قلت: يا رسول اللَّه! إنه أخي من الرَّضاعة قالت: فقال: "انظرن من إخوتكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة" (١).

• وجه الدلالة: جعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرضاعة المحرِّمة ما استعمل لطرد الجوع، ويستوي في ذلك ما أخذه الطفل عن طريق الثدي، أو سعوطًا، أو وجورًا (٢).

• الخلاف في المسألة: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه (٣)، وابن حزم (٤)، إلى أن التحريم ما كان بالمصِّ عن طريق الثدي فقط، وما كان من سعوط أو وجور فلا يحرِّم، وإن وصل إلى الجوف، وبالغ ابن حزم فقال: ولو كان ذلك غذاءه دهره كله. وهو قول الليث بن سعد، وداود، وعطاء الخراساني (٥).

• أدلة هذا القول:

١ - قال تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣].

٢ - عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (٦).

• وجه الدلالة: لم يحرِّم اللَّه -سبحانه وتعالى- ولا رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا المعنى نكاحًا إلا بالإرضاع، والرضاعة، ولا يسمى الإرضاع إرضاعًا إلا ما وضعته المرأة المرضعة من ثديها في فم الرضيع، وما عدا ذلك فلا يسمى إرضاعًا (٧).

النتيجة: أولًا: تحقق الإجماع على أن التحريم يقع بما يمصه الصبي بفمه من الثدي مباشرة.

ثانيًا: يبقى الخلاف في مقدار الرضعات التي يقع بها التحريم: هل هي كل ما يطلق عليه اسم الرّضاع، أم أنه يكون بثلاث، أم بخمس، أم بسبع، أم بعشر؛ فيكون التحريم بالسعوط والوجور على قدر اختلاف الفقهاء فيما يحرم من عدد الرضعات.


(١) أخرجه البخاري (٥١٠٢) (٦/ ١٥٣)، ومسلم (٢٤٥٥) "شرح النووي" (١٠/ ٣٠).
(٢) "البيان" (١١/ ١٤٩)، "المحلى" (١٠/ ١٨٧).
(٣) "الإنصاف" (٩/ ٣٣٦)، "الفروع" (٩/ ٢٨١).
(٤) "المحلى" (١٠/ ١٨٥).
(٥) "الإشراف" (١/ ٩٦)، "المحلى" (١٠/ ١٨٦)، "الحاوي" (١٤/ ٤٣١).
(٦) سبق تخريجه.
(٧) "المحلى" (١٠/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>