للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأراد أن ينتزعه مني. فقال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي" (١).

• وجه الدلالة: دل الحديث دلالة واضحة على أن الأم أحق بحضانة الولد ما لم تتزوج.

• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى أن حق الأم في حضانة البنت خاصة لا يسقط، وإن تزوجت، أما في الغلام فيسقط.

ثم اختلفت الرواية عنه في الجارية فقال في رواية: حتى تبلغ سبع سنين، وفي رواية ثانية: حتى تبلغ بحيض، أو غيره (٢).

• دليل هذا القول: عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- قال: خرج زيد بن حارثة إلى مكة، فقدم بابنة حمزة، فقال جعفر: أنا آخذها، أنا أحق بها؛ ابنة عمي، وعندي خالتها، وإنما الخالة أم. فقال علي: أنا أحق بها، ابنة عمي، وعندي ابنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ وهي أحق بها. فقال زيد: أنا أحق بها، أنا خرجت إليها، وسافرت، وقدمت بها، فخرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "وأما الجارية فاقضي بها لجعفر تكون مع خالتها، وإنما الخالة أم" (٣).

• وجه الدلالة: قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ببنت حمزة لجعفر، لكون خالتها عنده، بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الخالة أم"، فدل على أن الأم لا يسقط حقها في حضانة الجارية إن تزوجت (٤).

ثانيًا: ذهب ابن حزم (٥) إلى عدم سقوط الحضانة بتزوج الأم، سواء كان الطفل ذكرًا أم أنثى. وهو قول الحسن البصري (٦).

• أدلة هذا القول:

١ - قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: الآية ٢٣٣].

• وجه الدلالة: جاءت هذه الآية تبين أن للأم أن ترضع طفلها الصغير، ولم يأت نص يبين أن حقها في الحضانة يسقط إن تزوجت (٧).

٢ - حديث على المتقدم في حضانة بنت حمزة؛ فقد قالوا: فيه دليل على أن النكاح


(١) سبق تخريجه.
(٢) "الإنصاف" (٩/ ٤٢٤)، "المحرر" (٢/ ٢٤٣).
(٣) أصل القصة في البخاري (٢٢٣) (٣/ ٢٢٣)، وأخرج الحديث بهذا اللفظ أبو داود (٢٢٧٨) (٢/ ٢٨٤)، وصححه الألباني. انظر: "صحيح سنن أبي داود" (٢/ ٤٣١).
(٤) "زاد المعاد" (٥/ ٤٥٨).
(٥) "المحلى" (١٠/ ١٤٣).
(٦) "مصنف ابن أبي شيبة" (٤/ ١٧٩)، "زاد المعاد" (٥/ ٤٥٥)، "البناية شرح الهداية" (٥/ ٦٤٧).
(٧) "المحلى" (١٠/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>