للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: الحديث فيه بيان أن فعل الصحابة عدم الالتزام بالتجديد، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- موجود، والسكوت عن البيان وقت الحاجة غير جائز، والنبي عليه الصلاة والسلام منزّه عن ذلك؛ فدل على عدم وجوب التجديد، واللَّه تعالى أعلم.

• الخلاف في المسألة: خالف البعض في مسألتنا في قولين:

القول الأول: وجوب الوضوء لكل صلاة (١)، ونُقل عن عُبيد بن عُميْر (٢)، ونقل ابن حجر حكايةَ ابن عبد البر له عن عكرمة، وابن سيرين (٣)، وبعد مراجعة كلام ابن عبد البر، وجدته حكى القول عن عمر، وعن عكرمة يروي عن علي، وعن ابن سيرين، ولكن كلامه رحمه اللَّه فيه إشكال، حيث قال ابن عبد البر بعده: "وهذا معناه أن يكون الوضوء على المحدث إذا قام إلى الصلاة واجبًا، وعلى غير المحدث ندبًا وفضلًا" (٤).

حيث حمله على قول الجماهير، ولم أجد من أكّد هذا القول عنهما.

وعمر -رضي اللَّه عنه- هو من سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن فعله في الخندق كما سبق، بل روى عنه ابن المنذر ما يوافق الجماهير (٥).

أما علي -رضي اللَّه عنه-؛ فقال ابن تيمية بأنه لم يثبت عنه هذا القول، بل الثابت بخلاف ذلك (٦).

وقد نسبه الطحاوي إلى قومٍ، ثم نسب القول الآخر إلى أكثر العلماء (٧).

وهؤلاء استدلوا بظاهر آية الوضوء؛ إذ فيها تعليق للأمر بالوضوء على القيام للصلاة، فقالوا: يجب الوضوء لكل صلاة.

وهنا فائدة؛ فقد نقل البيهقي عن الإمام الشافعي في القديم أنه يرى أن الآية نزلت خاصة بالنبي عليه الصلاة والسلام، بعدما صلى الصلوات بوضوء واحد (٨).

القول الثاني: وهو منسوب للنّخعي بأنه لا يصلي بوضوئه أكثر من خمس صلوات (٩). وليس له دليل.


(١) "شرح مسلم" (٣/ ١٠٣).
(٢) "مراتب الإجماع" (٤٣).
(٣) "فتح الباري" (١/ ٣١٦).
(٤) انظر كلامه في: "التمهيد" (١٨/ ٢٣٨)، و"الاستذكار" (١/ ١٥٤).
(٥) "الأوسط" (١/ ١٠٩).
(٦) "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٣٧٣).
(٧) "شرح معاني الآثار" (١/ ٤١).
(٨) "سنن البيهقي الكبرى" (١/ ١١٧).
(٩) "مراتب الإجماع" (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>