للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا وفيها بيان من الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس ويعلم الإجماع فيستدل به، كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص، وهو دليل ثان مع النص كالأمثال المضروبة في القرآن، وكذلك الإجماع دليل آخر كما يُقال: قد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، وكل من هذه الأصول يدل على الحق مع تلازمها، فإن ما دل عليه الإجماع فقد دل عليه الكتاب والسنة، وما دل عليه القرآن فعن الرسول أُخِذ، فالكتاب والسنة كلاهما مأخوذ عنه، ولا يوجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا وفيها نص" (١).

الدليل الثاني: كما استدلوا على حجية الإجماع بقول اللَّه -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (٢).

• وجه الدلالة: أن الوسط: العدل الخيار، فيكون اللَّه -تعالى- قد أخبر عن خيرية هذه الأمة، وهذا يقتضي أن يكونوا عدولًا، ويوجب عصمتهم عن الخطأ، ولا يقدمون على شيء من المحظورات، وهذا يوجب أن يكون قولهم حجة (٣).

فإذا كان الرب قد جعلهم شهداء لم يشهدوا بباطل، فإذا شهدوا أن اللَّه أمر بشيء فقد أمر به، وإذا شهدوا أن اللَّه نهى عن شيء فقد نهى عنه (٤).

وقد نوقش الاستدلال بهذه الآية؛ بأن العدالة هي عبارة عن فعل الواجبات واجتناب المنهيات، وهذا من فعل العبد، وأن اللَّه -تعالى- قد أخبر بأنه قد جعلهم وسطًا فتكون العدالة التي فسرت بها الآية غير الوسطية التي جعلها اللَّه -تعالى- للأمة المحمدية.

وأجيب عن ذلك: بأن العدالة من فعل اللَّه -تعالى- الذي عدَّل الأمة


(١) المرجع نفسه.
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٤٣).
(٣) البرهان للجويني (٣٣٨٧)، والإبهاج للسبكي (٣/ ٣٩٩)، وإرشاد الفحول (ص ٧٦، ٧٧).
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٩/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>