للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو غير مباح، كالخمر، والمتقوم ما يمكن ادخاره مع الإباحة، فالخمر مال لا متقوم" (١). وعرّف المال بقوله: "المال: ما يميل إليه الطبع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة" (٢).

ولكن طباع الناس تختلف في ميلها وتتناقض، فلا تصلح أن تكون أساسًا ومقياسًا لتمييز المال من غير المال، كما أن من المال أنواعًا لا يمكن ادخارها، كالخضروات والثمار الطازجة، مع أنها أموال في نظر عامة الناس.

وقال الزرقا (٣) -وهو من الحنفية المتأخرين-: "المال عند فقهاء الحنفية يقتصر على الموجودات المادية ذات قيمة مادية بين الناس" (٤).

فقصر المال على الأعيان، وبذلك خرجت المنافع والحقوق المحضة، مما عدوه ملكًا لا مالًا، كما خرجت الأعيان التي لا قيمة لها بين الناس، كحبة القمح والجيفة ونحوها.

وجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة يرون المنافع أموالًا، وعليه فإن المال عند الجمهور تتسع دائرته لتشمل ما يُعرف في هذا العصر بالحقوق المعنوية، وفيما يلي بعض تعريفات الجمهور للمال:

قال ابن عبد البر: "المعروف من كلام العرب أن كل ما تمول وتملك فهو مال" (٥).


(١) حاشية ابن عابدين (٤/ ٥٠١).
(٢) المرجع السابق.
(٣) هو مصطفي بن أحمد الزرقا، ولد بحلب سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة وألف، وحفظ القرآن الكريم، واهتم بالدراسات اللغوية والأدبية، وتخرج من كليتي الحقوق والآداب، ثم اشتغل بالتدريس في جامعة دمشق، سلسلة بعنوان: "الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد" في أربع مجلدات، وسلسلة في شرح القانون المدني، في ثلاث مجلدات، تولى وزارة العدل والأوقاف بسوريا عام ١٩٥٦ م، ونال جائزة الملك فيصل عن كتابه "المدخل إلى نظرية الالتزام العامة في الفقه الإسلامي"، وهو ضمن سلسلة "الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد"، وتوفي سنة عشرين وأربعمائة وألف.
(٤) المدخل الفقهي، مصطفى أحمد الزرقا، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى ١٤١٨ هـ (١/ ٣٥١، ٣٥٢).
(٥) التمهيد لابن عبد البر (٢/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>