لأحد أخذها، وإنما حكمها أن تترك ولا بد) (١).
قال ابن قدامة: (كل حيوان يقوى على الامتناع من صغار السباع، وورود الماء، لا يجوز التقاطه، ولا التعرض له، سواء لكبر جثته كالإبل والخيل. . .) (٢) قال النووي: (ما يمتنع من صغار السباع بفضل قوته كالإبل والخيل. . . فإن وجدها في مفازة فللحاكم ونوابه أخذها للحفظ. . . . وأما أخذها للتملك فلا يجوز لأحد) (٣).
قال القرافي: (وضالة الإبل في الفلاة يتركها) (٤).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: عن زيد بن خالد الجهني -رضي اللَّه عنه- قال: جاء أعرابي إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسأله عما يلتقطه، فقال: (عرفها سنة ثم اعرف عفاصها ووكاءها، فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها. قال: يا رسول اللَّه فضالة الغنم؟ قال: لك أو لأخيك أو للذئب. قال: ضالة الإبل؟ فتمعر وجه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: مالك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر) (٥).
• وجه الاستدلال: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نبه إلى أن الإبل غنية غير محتاجة إلى الحفظ بما ركب اللَّه في طباعها من الجلادة على العطش وتناول الماء بغير تعب لطول عنقها وقوتها على المشي فلا تحتاج إلى الملتقط بخلاف الغنم (٦)
الثاني: قول عمر -رضي اللَّه عنه-: (من أخذ ضالة فهو ضال). أي: مخطئ، ولا يعني فيه الضلال الذي بمعنى الإثم (٧).
الثالث: أن حكمة النهي عن التقاط الإبل ظاهرة، وهي بقاؤها حيث
(١) المحلى (٨/ ٢٧٠).
(٢) المغني، (٨/ ٣٤٣).
(٣) روضة الطالبين، (٥/ ٤٠٢ - ٤٠٣).
(٤) الذخيرة، (٩/ ٩٨).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) البناية في شرح الهداية (٦/ ٧٧٨)، وسبل السلام (٣/ ٩٥٠).
(٧) المغني (٨/ ٣٤٣).