للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الاستدلال: أن عمل الإنسان ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة، ومنها: الصدقة الجارية، وهي: الوقف. ويشعر أيضًا بأن الوقف يلزم ولا يجوز نقضه، ولو جاز النقض لكان الوقف صدقة منقطعة.

الثالث: اشتهار الوقف بين أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد أصبح كل من عنده قدرة من الصحابة على الصدقة يبادر إلى الوقف (١).

• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: شريح القاضي (٢)، وأبو حنيفة، وزفر (٣)، فانكروا تحبيس الأصل على التمليك وتسبيل الغلة والثمرة، وهي الأحباس المعروفة بالمدينة (٤).

• دليلهم: ووجه ما ذهبوا إليه ما يلي:

الأول: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمر -رضي اللَّه عنه-: (حبس أصلها) (٥) قالوا: فلا يلزم


(١) قال ابن قدامة: [قال الحميدي: تصدق أبو بكر -رضي اللَّه عنه- بداره على ولده، وعمر بربعه عند المروة على ولده، وعثمان برومة، وتصدق علي بأرضه بينبع، وتصدق الزبير بداره بمكة وداره بمصر وأمواله بالمدينة على ولده، وتصدق سعد بداره بالمدينة وداره بمصر على ولده، وعمرو بن العاص بالوهط وداره بمكة على ولده، وحكيم بن حزام بداره بمكة والمدينة على ولده، فذلك كله إلى اليوم. وقال جابر: أحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذو مقدرة إلا وقف وهذا اجماع منهم، المغني (٨/ ١٨٥ - ١٨٦).
(٢) انظر: شرح معاني الآثار (٤/ ٩٦) وقد أجاب ابن حزم: في المحلى (٩/ ١٧٧) على قول شريح بعدما ساقه: [وأما قوله: (لا حبس عن فرائض اللَّه) فقول فاسد، لأنهم لا يختلفون في جواز الهبة، والصدقة في الحياة والوصية بعد الموت، وكل هذه مسقطة لفرائض الورثة عما لو لم تكن فيه لورثوه على فرائض اللَّه عز وجل، فيجب بهذا القول إبطال كل هبة وكل وصية لأنها مانعة من فرائض اللَّه تعالى بالمواريث]. وحمله بعض أهل العلم على حبس الجاهلية، قال الطرابلسي في: كتاب الإسعاف في أحكام الأوقاف (ص: ١٤): [قول شريح جاء محمد ببيع الحبس] محمول على حبس الكفرة مثل البحيرة والوصيلة والسائبة والحام). قلت: وهذا هو اللائق بقاضي الخلفاء شريح، فلا يتصور مثله يجهل حكم الوقف.
(٣) نيل الأوطار (٦/ ١٢٩).
(٤) انظر: التمهيد (١/ ٢١٣).
(٥) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>