للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجويني: (وقف الإنسان على نفسه، وقد ظهر اختلاف الأصحاب فيه، فذهب القياسون إلى منعه، فإن الغرض من الوقف إخراج الواقف ملكه إلى غيره، ولا حاصل لوقف خالص ملكه على نفسه، فإن مقصود الوقف نوع من الاختصاص، والملك الخالص زائد على كل اختصاص) (١).

قال الموصلي: (هو إزالة العين عن ملكه إلى اللَّه تعالى، وجعله محبوسًا على حكم ملك اللَّه تعالى على وجه يصل نفعه إلى عباده، فوجب أن يخرج عن ملكه ويخلص دئه تعالى ويصير محررًا عن التمليك ليستديم نفعه ويستمر وقفه للعباد) (٢).

قال ابن قدامة: (إذا وقف على نفسه، ثم على المساكين، أو على ولده ففيه روايتان، إحداهما: لا يصح، فإنه قال في رواية أبي طالب، وقد سُئل عن هذا، فقال: لا أعرف الوقف إلا ما أخرجه للَّه، وفي سبيل اللَّه، فإذا وقفه عليه حتى يموت فلا أعرفه، فعلى هذه الرواية يكون الوقف عليه باطلًا) (٣).

• مستند الاتفاق: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:

الأول: لأنه يتعذر تمليك الإنسان ملكه أو منافع ملكه لنفسه؛ لأنه حاصل، ويمتنع تحصيل الحاصل (٤).

الثاني: ولأنه لم ينقل عن السلف -رضي اللَّه عنهم- شيء من هذا (٥).

الثالث: ولأن من ملك المنافع بسبب لا يتمكن من ملكها بغير ذلك السبب، كمن ملك بالهبة لا يملك بالعارية أو الشراء أو غيرهما، فكذلك لا


(١) نهاية المطلب، ٨/ ٣٧٣.
(٢) الاختيار لتعليل المختار، ٣/ ٤١.
(٣) المغني (٨/ ١٩٤).
(٤) انظر: الكافي (ص ٥١٤)، ونهاية المحتاج (٥/ ٣٦٧).
(٥) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (٥/ ٤٦٣)، والشرح الصغير (٤/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>