للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل نصيب الابن في صدر الآية ضعف نصيب البنت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١]، والصورة التي تتحقق فيها هذه القاعدة تحققًا تامًا هي أن ينحصر ميراث الميت في ابن وبنت، فالابن يأخذ الثلثين، والبنت تأخذ الثلث، وهذان الثلثان اللذان أخذهما الابن يأخذهما البنتان إن لم يكن هو معهما (١).

الوجه الثاني: أن المتقرر أن البنت تأخذ الثلث مع الابن الذي يفوقها عصبة بنفسه، فلأن تأخذ الثلث مع بنت أخرى مساوية لها أولى.

الوجه الثالث: أن البنات كالأخوات في أن كل فريق منهما تأخذ الواحدة منه عند الانفراد نصف التركة، ويأخذ الثلاث فصاعدًا ثلثي التركة، ويرثن بالعصوبة بالغير إذا اجتمع مع كل فريق أخ له، وقد جعل اللَّه حكم الأختين كحكم الأخوات الثلاث بالنص، فجعل لهما ثلثي التركة قال سبحانه وتعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)} [النساء: ١٧٦] فكأنه سبحانه قد ترك حكم البنتين ليقاسا على الأختين للعلم بأن حالهما واحدة، وترك حكم الأخوات الزائدات على الثنتين ليُقسن على البنات لذلك، وهو من قياس الأولى، لأنهما أقرب إلى الميت.

الوجه الرابع: أن كلمة (فوق) الواردة في قوله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: ١١] صلة، مثل قوله سبحانه وتعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [الأنفَال: ١٢] أي: اضربوا الأعناق (٢).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٦/ ١٠٦)، ولباب التأويل، الخازن (١/ ٣٤٩).
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٦/ ١٠٦)، ولباب التأويل، الخازن (١/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>