للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال كقول الجماعة في زوج وأبوين، وكقول ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في امرأة وأبوين (١)، وأيضًا هو مذهب داود وابن حزم الظاهريان (٢). فقد أفتى ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في: (زوج وأبوين أنه يعطي الأم الثلث من جميع المال) (٣).

وصح عنه أنه ناظر زيد بن ثابت في هذه المسألة، فعن عكرمة، قال: (أرسلني ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- إلى زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- أسأله عن زوج وأبوين، فقال زيد: للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، وللأب بقية المال، فأرسل إليه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أفي كتاب اللَّه تجد هذا؟ قال: لا، ولكن أكره أن أفضل أُمًّا على أب) (٤).

ومستند المخالفين ظواهر نصوص الكتاب والسنة في إعطاء فرض الأم، وعدم الزيادة عليه.

الجواب: قال السرخسي: (وحجتنا في ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} معناه فلأمه ثلث ما ورثه أبواه إذ لو لم يحمل على هذا صار قوله وورثه أبواه فصلًا خاليًا عن الفائدة، وقد كان يحصل البيان بقوله فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث، كما قال تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} فلما قال هنا وورثه أبواه، عرفنا أنه إنما جعل لها ميراث الأبوين، وميراث الأبوين ما بقي بعد نصيب الزوج والزوجة، يوضحه أنه علق إيجاب الثلث لها بشرطين أحدهما: عدم الولد والآخر: أن يكون الوارث أبوين فقط، لأن قوله تعالى {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} شرط، وقوله تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} عطف على شرط، والمعطوف على الشرط شرط، والمتعلق بشرطين كما ينعدم بانعدامهما ينعدم بانعدام أحدهما، فبهذا يتبين


(١) ابن أبي شيبة في مصنفه، رقم (٣١٥٨٢).
(٢) انظر: المحلى (١٠/ ١٥٢).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، رقم (٣١٥٨٢).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، رقم (٣١٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>