للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فارجموهما البته وأما البكر فكان نسخه بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)} [النور: ٢] (١).

وبعد هذا العرض يمكن بيان عقوبة الزنا على قسمين:

القسم الأول: أن يكون الزاني محصنًا، فهذا عقوبته الرجم بالحجارة حتى يموت، ويدل على ذلك ما يلي:

الدليل الأول: عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه أن ماعز بن مالك الأسلمي -رضي اللَّه عنه- أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه إني قد ظلمت نفسي وزنيت، وإني أريد أن تطهرني، فرده، فلما كان من الغد أتاه، فقال: يا رسول اللَّه إني قد زنيت، فرده الثانية، فأرسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى قومه فقال: (أتعلمون بعقله بأسًا، تنكرون منه شيئًا)، فقالوا: ما نعلمه إلا وفيّ العقل من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة، فأرسل إليهم أيضًا، فسأل عنه، فأخبروه أنه لا بأس به، ولا بعقله، فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرُجم، قال: فجاءت الغامدية فقالت: يا رسول اللَّه إني قد زنيت فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد قالت: يا رسول اللَّه لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزًا، فواللَّه إني لحبلى، قال: (إِمَّا لا فاذهبي حتى تلدي)، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه)، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي اللَّه قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها. . . الحديث" (٢).

الدليل الثاني: عن عمران بن حصين -رضي اللَّه عنه-: أن امرأة من جهينة أتت نبي اللَّه


(١) سورة النور، آية (٢).
(٢) أخرجه مسلم رقم (١٦٩٥)، وأخرج البخاري إقرار ماعز رقم (٢٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>