للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن العصير الحلال صفات العصير، وحلت فيه صفات الخمر؛ فليست تلك العين عصيرًا حلالًا، بل هي خمر محرمة، وإذا سقطت عن تلك العين صفات الخمر المحرمة، وحلت فيها صفات الخل الحلال، فليست خمرًا محرمة، بل هي خل حلال.

وهكذا كل ما في العالم، إنما الأحكام على الأسماء، فإذا بطلت تلك الأسماء بطلت تلك الأحكام المنصوصة عليها، وحدثت لها أحكام الأسماء التي انتقلت إليها، فللصغير حكمه، وللبالغ حكمه، وللميت حكمه (١).

٢ - قول عمر -رضي اللَّه عنه-، أنه خطب فقال: "لا يحل خل من خمر قد أُفسدت، حتى يبدأ اللَّه إفسادها، فعند ذلك يطيب الخل" (٢).

• وجه الدلالة: في قوله: "أفسدت"، إذ معناها: خللت، فإذا بدأ اللَّه تخليلها، دون تدخل إنساني؛ فهي عند ذلك طيب (٣).

٣ - أنها إذا انقلبت بنفسها، فقد زالت علة تحريمها، من غير علة خلفتها، فطهرت، كالماء إذا زال تغيره بمكثه (٤).

• الخلاف في المسألة: خالف الحنابلة في قول غير مشهور (٥)، وحكاه النووي عن سحنون المالكي (٦)، وحكاه في "المدونة" عن سحنون، والحسن البصري (٧)، فقالوا: لا يطهر الخمر بتخلله مطلقًا.

ولم أجد له دليلًا عندهم، غير أنه يمكن أن يستدل بحديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-، أنه قال: كان عندنا خمر ليتيم، فلما نزلت "المائدة"، سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: يا رسول اللَّه، إنه ليتيم؟ قال: "أهريقوه" (٨).


(١) "المحلى" (٦/ ١١٥).
(٢) "مصنف عبد الرزاق" كتاب الأشربة، باب الخمر يجعل خلًّا، (ح ١٧١١٠)، (٩/ ٢٥٣) البيهقي كتاب الرهن، باب العصير المرهون يصير خلًّا، (ح ١٠٩٨٣)، (٦/ ٣٧).
(٣) "المجموع" (٢/ ٥٩٣).
(٤) "المغني" (١٢/ ٥١٨).
(٥) "الإنصاف" (١/ ٣١٩).
(٦) "المجموع" (٢/ ٥٩٦)، و"شرح مسلم" (٥/ ١٣٣)
(٧) (٤/ ٥٢٥).
(٨) الترمذي كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي للمسلم أن يدفع إلى الذمي الخمر يبيعها، (ح ١٢٦٣)، (٣/ ٥٦٣) وقال: "حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (ح ١٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>