للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: اختلف الفقهاء فيما سوى ذلك من الأشربة المُسكرة على قولين: فذهب الحنفية إلى التفريق بين الخمر وبين المُسكر، فالخمر خاص بعصر العنب، والمسكر عام في بعصر العنب ويُحد بشرب القدر المسكر منها وغير المسكر. وأما ما عداها من الأشربة فلا يُحد إلا بشرب القدر المسكر منها.

أما الجمهور فلم يذهبوا إلى هذه التفرقة، فما أسكر كثيره، فالقليل منه حرام، ويجب به الحد، سواء كان من عصير العنب أو غيره.

• الترجيح: يظهر -واللَّه أعلم- ترجيح القول الثاني، وهو قول الجمهور؛ لما يلي من الأدلة: الدليل الأول: عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام) (١).

الدليل الثاني: عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت عمر -رضي اللَّه عنه- على منبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "أما بعد، أيها الناس: إنه نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة، من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل" متفق عليه (٢).

الدليل الثالث: عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: "نزل تحريم الخمر، وإن في المدينة يومئذ لخمسة أشربة، ما فيها شراب العنب" (٣).

الدليل الرابع: عن جابر -رضي اللَّه عنه-: أن رجلًا قدم من جيشان -وجيشان من اليمن- فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له المِزْر، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أوَمسكر هو)؟ قال: نعم، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كل مسكر حرام، إن على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة


(١) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢٠٣).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٣٤٣)، وصحيح مسلم رقم (٣٠٣٢).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>