للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر" (١)، فهذا الآية جاء فيها النهي صراحة عن شرب الشرب قبيل الصلاة، حتى لا يحضر الشخص الصلاة وهو فاقد للعقل لا يدري ما صلى، فترك قوم شرب الخمر مطلقًا لكونها تُشغل عن الصلاة، واستمر آخرون على شربها، واجتنابها أوقات الصلاة فقط، على موجب النهي في الآية.

المرحلة الثالثة: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} (٢).

فلما أنزل تعالى هذه الآية كانت صريحة في النهي عن شرب الخمر، وعندها أراق الصحابة رضي اللَّه عنهم الخمور فجرت في سكك المدينة.

ولما كان في تعاطي الخمر إفساد للعقل، وتضييع للمال، جعلت الشريعة شرب الخمر من المحرَّمات الكبائر، وأوجب على شاربها حدًا يردعه عن ذلك (٣)، وقد اختلف أهل العلم في حد شارب الخمر على أقوال:

القول الأول: جلد شارب الخمر ثمانون جلدة إن كان حرًا، وأربعون جلدة إن كان عبدًا. وهو قول الحنفية (٤)، . . .


(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ٤٣٧)، وما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية هو على القول بأن المراد بالسكر هنا هو شرب الخمر، وهو قول الأكثر كما قال القرطبي في "تفسيره" (٥/ ٢٠١): "الجمهور من العلماء وجماعة الفقهاء على أن المراد بالسكر سكر الخمر" وذهب الضحاك بن مزاحم إلى أن المراد بالسكر هنا هو سكر النوم، والمراد بها النهي عن الصلاة عند غلبة النوم. انظر: تفسير ابن جرير (٣/ ٣٧٨)، معالم التنزيل (١/ ٦٢٧).
(٢) سورة المائدة، آية (٩٠ - ٩١).
(٣) وجلد شارب الخمر من باب الحد هو قول أكثر أهل العلم، وحكي الإجماع عليه، وذهبت طائفة إلى أن جلده من باب التعزير، وسيأتي بيان المسألة مفضلة بأدلتها في المسألة رقم ٢٤٨ بعنوان: "ثبوت حد الخمر".
(٤) انظر: المبسوط (٢٤/ ٣١)، بدائع الصنائع (٥/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>