مسألة في هذا الباب، واكتفى ابن المنذر في كتابه "الإجماع" بمسألة واحدة فقط، وكذا ابن حزم في "مراتب الإجماع" لم يذكر سوى مسألة واحدة، ولعل السبب في ذلك أن فقهاء الحنفية والمالكية لا يذكرون للتعزير بابًا مستقلًا، وإنما يُدرجونه تحت حد القذف، فلا يتوسعون في ذكر مسائله، وتحقيقها.
رابعًا: أن الإجماع السكوتي المعتمد على فعل أو قول بعض الصحابة -رضي اللَّه عنهم- دون نكير، لا يتحقق فيه الإجماع غالبًا، بل الخلاف فيه حاصل بين فقهاء المذاهب الأربعة فضلا عن غيرهم، وذكره في موارد الإجماع لا يُراد به الإجماع المتحقق الذي لا يجوز خلافه، وإنما يُراد به تقوية القول، وإيراده كدليل من أدلة القول، مع تسويغ الخلاف فيه.
خامسًا: أكثر الإجماعات التي نقلتها لم تكن إلا من الثلاثمائة هجرية فما بعدها، وهذا يدل على أن حكاية الإجماعات في الصدر الأول كانت قليلة جدًا، وقد يعود ذلك لتعسر ضبط واستقراء الأقوال قبل تدوينها.
سادسًا: أن العالم مهما بلغت رتبتُه في العلم والاستقراء كابن المنذر وغيره، فإنه لا يخلو من خطأ في حكاية الإجماع، وإن كان حكايته للإجماع تدل على كثرة القائلين به، وقلة المخالفين، ونقض إجماع العالم في المسألة لا يدل على ضعف اطلاعه، أو قلة علمه، وإنما هو جهد بشر، والكمال إنما يكون للَّه وحده، وقد يكون على اطلاع بالمخالف؛ لكنه لم يعتبره مناقضًا للإجماع لشذوذه، ونحو ذلك.
سابعًا: أن أكثر من خالف الإجماع في المسائل هو ابن حزم الظاهري.
ثامنًا: اتفق الفقهاء من أهل السنة والجماعة على أن خلاف المذاهب المبتدعة كالخوارج والروافض ونحوهم غير معتبَر في نقض الإجماع.
تاسعًا: تبين للباحث عند جمع نقولات أهل العلم في الإجماع أن كثيرًا من