للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفقهاء يذكرون الإجماع نقلا عن غيرهم وهم في ذلك قد يصرحون عمن نقلوا عنه، وقد لا يصرحون.

عاشرًا: أن من أكثر الاطلاع والنظر في مسائل الإجماع استفاد ملكة قوية في معرفة مظان وجود بعض النقولات التي لم يصرح أصحابها عن مصدرها الأصلي، ومن الأمثلة على ذلك أن القرطبي في تفسيره غالب نقولاته للإجماع تكون عن ابن العربي في "أحكام القرآن" أو عن ابن عطية في "المحرر الوجيز" وقد يحكي الإجماع ابتداءً، وكذا شمس الدين ابن قدامة في "الشرح الكبير" يأخذ غالب نقولاته من الموفق ابن قدامة في كتابه "المغني" كما صرَّح بذلك في المقدَّمة، ولا ينفرد بالإجماع إلى في نزر يسير، وأما النووي في شرحه على مسلم فإنه ينقل الإجماع ابتداء في مواضع كثيرة، لكنه يُكثر من النقل عن القاضي عياض في كتابه "إكمال المعلم" وقد يصرَّح بالنقل وقد لا يصرَّح بذلك، وأما العراقي في "طرح التثريب" فإنه يأخذ من مصادر شتى فينقل كلام ابن عبد البر والقاضي عياض والقرطبي والنووي وابن حزم وغيرهم، لكنه يتميَّز بالتصريح بالنقل، وينقل النص بحرفه، وأما العيني في "عمدة القاري" والشوكاني في "نيل الأوطار" والصنعاني في "سبل السلام" فغالب إجماعاتهم هي من "فتح الباري" لابن حجر العسقلاني، وفي أغلب الأحيان لا يصرحون بالنقل.

الحادي عشر: من أبرز من اهتم بحكاية الإجماع ابتداء ابن المنذر وهو إمام أهل العلم في هذا الفن، كما يظهر ذلك في كتبه كـ "الإشراف"، و"الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف"، و"الإجماع"، والناظر في كتبه يظهر له جليًا عمق علم ابن المنذر وسعة اطلاعه واستقرائه لأقوال أهل العلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>