للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


(١) صحيح البخاري (رقم: ١١٢)، وصحيح مسلم (رقم: ١٣٥٥).
(٢) وقد نسب ابن حزم هذا القول للأئمة الأربعة حيث قال في المحلى (١٢/ ٢٨٨ - ٢٨٩) في كلامه على حد الحرابة: "مسألة: هل لولي المقتول في ذلك حكم أم لا؟ قال أبو محمد رحمه اللَّه: نا حمام نا ابن مفرج نا الحسن بن سعد نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: إن في كتاب لعمر بن الخطاب والسلطان ولي من حارب الدين وإن قتل أباه، أو أخاه فليس إلى طالب الدم من أمر من حارب الدين وسعى في الأرض فسادًا شيء. وقال ابن جريج: وقال لي سليمان بن موسى مثل هذا سواءً سواءً حرفًا حرفًا.
وبه إلى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: عقوبة المحارب إلى السلطان لا تجوز عقوبة ولي الدم ذلك إلى الإمام قال وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وأبي سليمان وأصحابهم.
قال أبو محمد رحمه اللَّه: وبهذا نقول".
وفي موضع آخر لابن حزم ذكر خلاف أهل العلم في هل لولي المقتول غيلة أو حرابة حق العفو، ورجح أن لأولياء المقتول العفو، ونسب هذا القول لأبي حنيفة والشافعي، كما في المحلى (١١/ ١٨٠ - ١٨٤).
وإنما ذكرتُ ذلك للتنبيه على أن ما ذكره ابن حزم فيه تردد، وليس مذهب الحنفية والشافعية أن لولي الدم العفو في حد الحرابة، ويتبين ذلك فيما يلي:
أولًا: مذهب الحنفية: ذهب الحنفية إلى أن من قتل في الحرابة فقتله حد لا يسقطه عفو الأولياء أو الإمام، وقد نص على هذا جماعة من الحنفية منهم أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (٢/ ٥٧٧)، والسرخسي في "المبسوط" (٩/ ١٩٦ - ١٩٧)، والكاساني في "بدائع الصنائع" (٧/ ٩٥) حيث قال: "لا يحتمل -أي حد الحرابة- العفو، والإسقاط، والإبراء، والصلح عنه، فكل ما وجب على قاطع الطريق من قتل، أو قطع، أو صلب يستوفى منه، سواء عفا الأولياء وأرباب الأموال عن ذلك أو لم يعفو، أو سواء أبرءوا منه، أو صالحوا عليه، وليس للإمام أيضًا إذا ثبت ذلك عنده تركه، وإسقاطه، والعفو عنه؛ لأن الواجب حد، والحدود حقوق اللَّه =

<<  <  ج: ص:  >  >>