للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند الحنابلة: قال البهوتي: "هم الخارجون على الإمام، ولو غير عدل، بتأويل سائغ، ولهم شوكة، ولو لم يكن فيهم مطاع" (١).

ويتحصل مما سبق أن ثمة أمورًا تتفق عليها الأقوال السابقة في ضابط البغاة، وهي أنهم قوم لهم شوكة، خرجوا عن الإمام بتأويل سائغ، ولذا قال القرافي: "البغاة هم الذين يخرجون على الإمام، يبغون خلعه، أو منع الدخول في طاعته، أو تبغي منع حق واجب، بتأويل في ذلك كله، وقاله الشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رضي اللَّه عنهم، وما علمتُ في ذلك خلافًا" (٢).

ويمكن أن نَخلُص إلى تعريف جامع للبغاة في الاصطلاح بأن يقال: "هم قوم لهم شوكة خرجوا على الإمام بتأويل سائغ".

ومن خلال هذا التعريف يمكن أن نخرج بفوائد منها:

أولًا: أن من لم يكن لهم تأويل سائغ، أو كانوا جمعًا يسيرًا لا شوكة لهم، فهم محاربون لا بغاة.

ثانيًا: أن البغاة يتفقون مع المحاربين في أنهم يخرجون على الإمام، إلا أنهم يختلفون عنهم في أمرين:

١ - أن البغاة لهم تأويل سائغ، أي شبهة قوية، وأما المحاربون فهم يخرجون بقصد الإفساد، وليس لهم شبهة، أو لهم شبهة ولكنها واهية.

٢ - أن البغاة لهم شوكة، أي قوة ومنعة كالجيش، وأما المحاربون فلا شوكة لهم، ولهذا يتخفُّون في أوساط الناس وليس لهم مكان معروف يتحصنون به.

• تنبيه: عرَّف بعض الفقهاء البغاة بأنهم الخوارج، منهم الكاساني حيث قال: "البغاة: هم الخوارج، وهم قوم من رأيهم أن كل ذنب كفر، كبيرة كانت


(١) دقائق أولي النهى (٣/ ٣٨٧).
(٢) أنوار البروق في أنواع الفروق (٤/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>