للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو صغيرة، يخرجون على إمام أهل العدل، ويستحلون القتال والدماء والأموال بهذا التأويل، ولهم منعة وقوة" (١).

وهذا القول تعقَّبه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: "أما قول القائل: إن الأئمة اجتمعت على أن لا فرق بينهما -أي البغاة والخوارج- إلا في الاسم، فدعوى باطلة، ومدعيها مجازف، فإن نفي الفرق إنما هو قول طائفة من أهل العلم من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم، مثل كثير من المصنفين في قتال أهل البغي فإنهم قد يجعلون قتال أبي بكر لمانعي الزكاة، وقتال علي الخوارج، وقتاله لأهل الجمل وصفين، إلى غير ذلك من قتال المنتسبين إلى الإسلام من باب قتال أهل البغي، ثم مع ذلك فهم متفقون على أن مثل طلحة والزبير ونحوهما من الصحابة من أهل العدالة؛ لا يجوز أن يحكم عليهم بكفر ولا فسق؛ بل مجتهدون: إما مصيبون، وإما مخطئون، وذنوبهم مغفورة لهم، ويطلقون القول بأن البغاة ليسوا فساقًا، فإذا جعل هؤلاء وأولئك سواء لزم أن تكون الخوارج وسائر من يقاتلهم من أهل الاجتهاد الباقين على العدالة سواء؛ ولهذا قال طائفة بفسق البغاة، ولكن أهل السنة متفقون على عدالة الصحابة، وأما جمهور أهل العلم فيفرقون بين "الخوارج المارقين" وبين "أهل الجمل وصفين" وغير أهل الجمل وصفين، ممن يعد من البغاة المتأولين، وهذا هو المعروف عن الصحابة، وعليه عامة أهل الحديث، والفقهاء، والمتكلمين وعليه نصوص أكثر الأئمة وأتباعهم: من أصحاب مالك، وأحمد، والشافعي، وغيرهم" (٢).


(١) بدائع الصنائع (٧/ ١٤٠).
(٢) الفتاوى الكبرى (٣/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>