(٢) تنبيه: شذ بعض المعاصرين، وهو محمد سلام مدكور، وذلك في كتابه: "القضاء في الإسلام"، حيث ذهب إلى جواز تولية الكافر القضاء على المسلمين في غير الأحوال الشخصية، والمقصود باصطلاح "الأحوال الشخصية"، ويسمى بـ"فقه الأسرة"، أو "أحكام الأسرة": هي: الأحكام المتعلقة بإنشاء الرابطة الزوجية -الأسرة-، وإنهائها، وما يترتب على كل منها من أحكام وآثار ونتائج، ولم أذكره من جملة المخالفين في المسألة، لأنه قول معاصر، وشاذ، لكن أحببت الإشارة إليه مع بيان أدلته والجواب عنها، لبيان بطلان هذا القول، حيث استدل على ذلك بما يلي: ١ - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: ١٠٦]. ويناقش: بأن هذه الحال إنما جاز فيها شهادة الكافر من باب الضرورة، عند عدم الشاهد المسلم، وتولية الكافر للقضاء حال الضرورة تكلم عليه الفقهاء بجوازه. ٢ - أنه قد روي عن الإمام مالك القول بجواز شهادة طبيبين كافرين على المسلم حيث لا يوجد طبيب مسلم. ويناقش بأمرين: أ- أن هذه الحال إنما جاز فيها شهادة الكافر من باب الضرورة، عند عدم الشاهد المسلم، وتولية الكافر للقضاء حال الضرورة تكلم عليه الفقهاء بجوازه. ب- أن مالك إمام مجتهد، وليس بصحابي حتى يُستدل بقوله، وبالتالي فلا يُعبر قوله الإمام مالك دليلًا. ٣ - قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢]. وجه الدلالة: عموم الآيات السابقة حيث ليس فيها ما يدل على اشتراط كون الشاهد مسلمًا. ويناقش: بأن هذا العموم جاء مقيدًا بقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢]. وهذا جواب مفصل على ما استدل به، أما دليله العام من قياس الشهادة على القضاء، بحيث أن كل من جازت شهادته جاز قضاؤه فيناقش بأنه قياس مع الفارق، والفارق من وجهين: =