للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوعه، وبين حجيته في كل عصر، وليس بين الأمرين تلازم.

فالأول محل نظر بين العلماء: إذ منع بعضهم وقوع إجماع بعد عصر الصحابة (١)، ونقل البعض الآخر الإجماع في عصر الصحابة وفي عصر من بعدهم.

والثاني وهو حجية الإجماع: فلا شك أن الدليل الشرعي قاطع في ثبوت حجية الإجماع مطلقا في كل عصر.

* * *


(١) يرى داود الظاهري وكثير من أصحابه: أن الإجماع هو إجماع الصحابة فقط، دون من بعدهم. أما ابن حزم منهم فيرى أن الإجماع الصحيح أحد اثنين:
أحدهما: أنه ما لا يشك فيه أحد من أهل الإسلام في أن من لم يقل به فليس مسلما، كشهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، وكوجوب الصلوات الخمس، وكصوم شهر رمضان، وكتحريم الميتة، والدم، والخنزير، والإقرار بالقرآن، وجملة الزكاة، فهذه أمور من بلغته فلم يقر بها، فليس مسلما، فإذا ذلك كذلك فكل من قال بها فهو مسلم، فقد صح أنها إجماع من جميع أهل الإسلام.
ثانيهما: شيء شهده جميع الصحابة -رضي اللَّه عنهم- من فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو تيقَّن أنه عرفه كل من غاب عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم كفعله في خيبر إذ أعطاها يهود بنصف ما يخرج منها من زرع أو تمر، يخرجهم المسلمون إذا شاؤوا، فإذا لا شك عند كل أحد في أنه لم يبق مسلم في المدينة إلا شهد الأمر، أو وصل إليه يقع ذلك الجماعة من النساء والصبيان الضعفاء, ولم يبق بمكة، والبلاد النائية مسلم إلا عرفه وسر به. وما عداهما فهو كذب. "الإحكام" لابن حزم (٤/ ٥٠٩ - ٥١١)، "المحلى" (١/ ٧٥ - ٧٦). وعليه فمعناه عند ابن حزم أضيق من علماء مذهبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>