للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} (١).

• وجه الدلالة: أن اللَّه أوجب الرد إليه عند التنازع، ولو جوزنا انعقاد الإجماع الثاني، للزم الرد إلى الإجماع، وهذا مخالف لما أوجب اللَّه.

وأجيب عنه: أن وجوب الرد إلى اللَّه مشروط بوجود التنازع، فإذا حصل الإجماع زال هذا الوجوب، ثم إن الرد إلى الإجماع هو رد إلى اللَّه تعالى؛ لأن المجمعين اتفقوا على هذا الحكم المستند إلى الكتاب والسنة.

الدليل الثاني: أن اختلاف الصحابة على قولين هو إجماع على جواز الأخذ بأي قول كان، فلو انعقد الإجماع على أحد القولين فإنه يلزم من ذلك رفع الإجماع.

وأجيب عنه: بعدم التسليم على أن اختلافهم على قولين هو إجماع على جواز الأخذ بأي قول كان؛ لأن كلا من الفريقين لا يُجَوِّز الأخذ إلا بقوله فقط، دون قول الفريق الآخر (٢).

الترجيح: يظهر -واللَّه أعلم- أن الراجح هو القول الأول؛ لقوة أدلته، وضعف أدلة القول الثاني والإجابة عنها، وكذلك لو قيل بالقول الثاني، لضعفت الإجماعات وندرت، لأن كثيرا من الإجماعات وقعت بعد خلاف سبقها.

* * *


= للآمدي (١/ ٢٧٥)، "العدة" (٤/ ١١٠٥).
(١) النساء: الآية (٥٩).
(٢) ينظر: "المهذب في أصول الفقه" (٢/ ٩٢١ - ٩٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>