للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعية (١).

ويمكن أن يستدل لهم: بأن هؤلاء من علماء الأمة، ولا يمكن الإجماع إلا بقول الجميع دون استثناء أحد منهم، فيؤخذ بقولهم ويعتد به إلا ما كان مبنيا على الأمر الذي خالفوا فيه إجماع العلماء وهو ترك العمل بالقياس، وإلا فليس من العدل والإنصاف أن يطرح قولهم جملة وتفصيلا، ولا يعتد به، لترك القياس، فيترك قولهم الذي كان مبنيا على المخالفة فقط.

الترجيح: يظهر -واللَّه أعلم- أن الراجح هو القول الثالث؛ لسلوكه طريق العدل والإنصاف تجاه هؤلاء العلماء.

وقفتان لا بد منهما:

الأولى: الذي ظهر للباحث من خلال البحث أن ظاهر صنيع كثير من العلماء الذين يعتنون بنقل الخلاف بين المذاهب أنهم يعتدون بخلاف الظاهرية؛ وذلك لذكر خلافهم في بطون كتبهم، لكن إذا جاءت مسائل الإجماع فإنهم يحكون الإجماع ولا ينظرون إلى خلافهم، ومثلها المسائل التي انفردوا بها وهي من غرائبهم فإنهم لا يذكرونهم أصلا، أو يذكرونهم ويردون عليهم.

الثاني: أن مذهبهم كسائر المذاهب التي لم يُعْتنى بها، وأصبحت كالمندثرة، فلم يبق من آثارهم شيء يُعَول عليه، إلا ما ذكره ابن حزم في "المحلى"، وابن حزم أحد أفرادهم لكنه خالفهم في مسائل ليست قليلة، وأقول: لعل من أسباب عدم الاعتداد بقولهم والتهجم على مذهبهم، ما عرف عن ابن حزم من حدة لسانه وتهكمه بالعلماء، فربما كان هذا سببا في هجران أقوالهم وعدم الالتفات إليها، خاصة وأنه لا يعرف القول بعدم الاعتداد بقولهم إلا في زمن ابن حزم، كما يفهم من دليل القول الثاني.


= مدينة من مدن مصر، ولد عام (٥٥٩ هـ) كان من العلماء الأعلام، وأئمة الإسلام، بارعا في علوم شتى الفقه وأصوله وعلم الكلام، من آثاره: "شرح البرهان" للجويني، "سفينة النجاة"، وهو على طريقة "الإحياء". توفي عام (٦١٦ هـ). "الديباج المذهب" (ص ٢١٣).
(١) "فتاوى ابن الصلاح" (١/ ٢٠٧)، "البحر المحيط" (٣/ ٤٢٥)، "طبقات السبكي" (٢/ ٢٩٠)، "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>