للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ أن الكتب المذهبية تستخدم كلمة [اتفاقا] كثيرا، ويقصدون بها الاتفاق المذهبي، وليس الاتفاق المقارن.

رابعًا: قد يَنص العالم على مراده بالإجماع وهذا قليل، منهم ابن هبيرة، وقد لا ينص وهم أكثر العلماء (١).

خامسًا: أما الترمذي:

فلم أجد له إجماعا في الأبواب المدروسة في البحث، وما يذكره البعض من أن مراده حين يقول: [العمل على هذا عند أهل العلم] يقصد به الإجماع، فهذا -كما يظهر للباحث- غير صحيح؛ وذلك لعدة قرائن تظافرت تدل على عدم صحة هذا المقصود، سأذكرها مع بعض الأمثلة على سبيل الاختصار، منها:

الأولى: أنه يحكي هذه العبارة ثم يحكي بعدها خلاف العلماء، أو ينقلها عن غيره ثم يحكي معها الخلاف، وهذه أقوى القرائن؛ إذ لو أراد بها الإجماع لما حكى الخلاف في المسألة.

من أمثلة ذلك:

يقول: [والعمل على هذا عند أهل العلم أن لا يجمع بين الصلاتين إلا في السفر


= يكون مراده بالإجماع إجماع أصحاب ابن مسعود، وقد أشار إلى هذا الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٨٥) قال: "وإذا قال: "كانوا" فإنما يقصد بذلك أصحاب عبد اللَّه".
(١) تنبيه: من العلماء من يتبين من استعماله تفريقه بين ألفاظ الإجماع وإن لم ينص على ذلك، فمثلا: النووي يقول: [إذا كانت العين الطاهرة المنتجسة بملاقاة النجاسة مائعة، فينظر: إن كانت لا يمكن تطهيرها؛ كالخل والدبس والعسل والمرق ونحو ذلك، لم يجز بيعها بلا خلاف. . .، ونقلوا فيه إجماع المسلمين]. "المجموع" (٩/ ٢٨١). وكذلك تقي الدين الحصني في "كفاية الأخيار" (ص ٢٤٨): [ثم عقد السلم إن كان مؤجلا فلا نزاع في صحته، وفي بعض الشروح حكاية الاتفاق على صحته]. ومثلهم الهيتمي حين يقول: [. . . وأما من يمضي له زمن كذلك فيلزمه أن يتحرى ذلك الوقت ليوقع الطهارة والصلاة فيه، ولا يعفى عن شيء يصيبه. نعم لمالك قول مشهور يجوز الإفتاء والعمل به: أن إزالة النجاسة سنة لا واجبة، فيجوز تقليد هذا القول لكن بشرط أن يلتزم أحكام الطهارة والصلاة على مذهب مالك -رضي اللَّه عنه-، وإلا جاء تلفيق التقليد، وهو باطل بالاتفاق، بل عبر بعضهم بالإجماع]. "الفتاوى الفقهية الكبرى" (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>