للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القصد محرم شرعا (١). ولما ذكر ابن عابدين هذا القول عقب عليه قائلا: [وظاهره أنه لولا قصد التلهي به لجاز بيعه] (٢).

فدل على أن محل الخلاف عندهم ليس محلا واحدا، وإنما هو معلق بوجود النفع عندهم، فمتى وجد جاز بيعه وشراؤه.

أما الحنابلة فقد اختلف المذهب عندهم، بناء على الاختلاف في تفسير مقولة الإمام أحمد حين قال: [أكره بيع القرد].

فمنهم من قال بتقييد هذه العبارة، وحمل الكراهة على القرد الذي لا منفعة فيه. وعلى هذا التفسير عامة الأصحاب، ولذا أجازوا مبايعته؛ لأنه ينتفع به في الحراسة.

ومنهم من قال بإطلاق الكراهة، سواء كان منتفعا به أم لا، وهذا قياس قول أبي بكر، وابن أبي موسى، واختاره ابن عبدوس (٣) (٤).

وخالف في هذا أيضًا: ابن حزم من الظاهرية، ولم ينص على هذه المسألة بعينها، وإنما ذكر قاعدة في هذا الباب: بأن ما كان محرما أكله فمحرم بيعه (٥)، وبيّن في موضع آخر: أن القرد محرم أكله، فدل على أن مذهبه تحريم مبايعته مطلقا (٦).

وبهذا التقرير يتبين أن المخالفة، إنما هي رواية عند الحنابلة، وقال به ابن


(١) ينظر تفصيل قولهم: "بدائع الصنائع" (٥/ ١٤٣)، "تبيين الحقائق" (٤/ ١٢٦)، "فتح القدير" (٦/ ٤٢٧) "البحر الرائق" (٦/ ١٨٧).
(٢) "رد المحتار" (٥/ ٢٢٧).
(٣) علي بن عمر بن أحمد الحراني أبو الحسن المعروف بابن عبدوس، ولد عام (٥١٠ هـ) فقيه حنبلي زاهد، من آثاره: "المُذَهب من المذهب"، "التذكرة"، "التسهيل". توفي عام (٥٥٩ هـ). "الذيل على "طبقات الحنابلة" (١/ ٢٤١)، "المقصد الأرشد" (٢/ ٢٤٢)، وينظر: "المذهب الحنبلي" للتركي، فقد شكك في نسبة الكتابين الأخيرين له (٢/ ١٥٤).
(٤) ينظر: "المغني" (٦/ ٣٦١)، "تصحيح الفروع" (٤/ ١٢ - ١٣)، "الإنصاف" (٤/ ٢٧٤)، "كشاف القناع" (٣/ ١٥٣).
(٥) "المحلى" (٦/ ٨٤).
(٦) المصدر السابق (٦/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>