للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج ابن حزم عن إبراهيم النخعي فيمن ساق إلى امرأته رجلا حرا، فقال إبراهيم: [هو رهن بما جعل فيه، حتى يفتك نفسه].

وقال: [وقد روينا هذا القول عن الشافعي، وهي قولة غريبة، لا يعرفها من أصحابه إلا من تبحر في الحديث والآثار] (١).

هذه الأدلة كلها استدل بها ابن حزم على نقض الإجماع في المسألة، وهو ممن وافق الإجماع ولم يخالفه.

ويمكن الإجابة عنها بما يلي:

فأما أثر عمر، فعنه عدة أجوبة:

١) الأثر فيه إقرار الرجل على نفسه بالبيع، ولأجل هذا حكم عمر عليه بالعبودية؛ لأن الحر لا يباع.

٢) ثم إن الرجل هو الذي باع نفسه، ولم يكن أحد اعتدى عليه فباعه، وفرق بين الأمرين.

٣) وقد جاء عن عمر ما يخالف ذلك، فقد أخرج مالك في الموطأ أن رجلا من جهينة (٢) كان يسبق الحاج فيشتري الرواحل فيغلي بها، ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب، فقال: [أما بعد أيها الناس: فإن الأسيفع (٣) -أسيفع جهينة- رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج، ألا وإنه قد دان معرضا، فأصبح قد رِينَ به، فمن كان له عليه دين، فليأتنا بالغداة نقسم ماله بينهم، وإياكم والدين: فإن أوله هَمٌّ، وآخره حرب] (٤).


= (٣/ ٢٣٠)، "سير أعلام النبلاء" (٤/ ٥١٥)، "مشاهير علماء الأمصار" (ص ٩٥).
(١) "المحلى" (٧/ ٥٠٤).
(٢) جهينة: هي قبيلة من قضاعة، واسمه: زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، نزلت الكوفة، وبها محلة نسبت إليهم، وبعضهم نزل البصرة. "الأنساب" (٢/ ١٣٤).
(٣) الأسيفع الجهني، أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان يسبق الحاج. هكذا ورد في كتب التراجم التي بين يدي. "الإصابة" (١/ ٢٠٠).
(٤) أخرجه مالك في "الموطأ" (١٤٦٠)، (٢/ ٧٧٠)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٤/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>