للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يُنْكر ذلك علينا" (١).

الثاني: أن الأمة مجمعة على أنها تباع قبل أن تحمل بولدها، ثم اختلفوا إذا وضعت، فالواجب بحق النظر ألَّا يزول حكم ما أجمعوا عليه مع جواز بيعها وهي حامل إلا بإجماع مثله إذا وضعت، ولا إجماع ها هنا (٢).

أما ما جاء عن علي -رضي اللَّه عنه- فقد ذكر بعض العلماء رجوعه عن هذا، فقد جاء عن عبيدة السلماني، قال: [بعث إليَّ علي -رضي اللَّه عنه- وإلى شريح، أن اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أبغض الاختلاف] (٣).

وكذلك ابن عباس وابن الزبير -رضي اللَّه عنهم-، فقد جاء عنهما أنها تعتق وتكون في نصيب ابنها (٤).

وأما أبو بكر: فالذي جاء عنه هو حديث جابر -رضي اللَّه عنه- قال: "بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا" (٥).

فهذا ليس فيه أنه رأي أبي بكر، وإنما كان في زمانه كما في زمان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومثل هذا يؤيد ما قاله جمع من العلماء بأنه كان في أول الإسلام ثم نسخ، ولذا لم يشتهر النسخ في أول الأمر، حتى جاء عمر ثم بيَّنه للناس. ومعلوم أن زمان أبي بكر كان قصيرا وجلُّه كان في محاربة المرتدين (٦).

وكذلك جابر -رضي اللَّه عنه- ظاهر النص عنه أنه ناقل لما كان في الزمانين، وليس هذا رأيه.


(١) أخرجه أبو داود (٣٩٥٠)، (٤/ ٣٦٠)، والنسائي في "الكبرى" (٥٠٢١)، (٥/ ٥٦)، وابن ماجه (٢٥١٧)، (٤/ ١٤٢)، وصحح إسناده النووي في "المجموع" (٩/ ٢٩١)، والألباني في "إرواء الغليل" (٦/ ١٨٩)، وينظر: "خلاصة الكلام في تخريج أحاديث بلوغ المرام" (٢/ ٧١١).
(٢) "الاستذكار" (٧/ ٣٣٢).
(٣) "المغني" (١٤/ ٥٨٨).
(٤) "الاستذكار" (٧/ ٣٣٠)، وينظر: "المغني" (١٤/ ٥٨٨).
(٥) أخرجه بهذا اللفظ: أبو داود (٣٩٥٠)، (٤/ ٣٦٠)، والحاكم في "المستدرك" (٢١٨٩)، (٢/ ٢٢) وقال: [هذا حديث صحيح على شرط مسلم].
(٦) "مرقاة المفاتيح" (٦/ ٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>