للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الشافعي (١)، ورواية عند الحنابلة (٢)، وقال به إبراهيم النخعي من التابعين (٣)، وهو القول بمنع بيعها (٤).

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الأول: أن الجلد جزء من الميتة، فلا يكون قابلا للعوض، أخذا من النصوص الدالة على تحريم ثمنه وبيعه (٥).

الثاني: أنه حرم التصرف فيه بالموت، ثم رخص في الانتفاع به، فبقي ما سوى الانتفاع على التحريم (٦).

أما ما جاء في القسم الأول: فالليث والزهري فهو وإن كان المشهور عنهما هذا، إلا أن لهم أقوالا ثابتة توافق الإجماع، وإذا جاء عن الإمام قولان متقابلان، لا يعلم الناسخ من المنسوخ، ولا الأول من الآخر، فالقاعدة أن يسقط عنه القولان، كما قرر ذلك ابن المنذر رحمه اللَّه (٧).

وما جاء عن الإمام مالك، فقد حكم عليه ابن عبد البر بالشذوذ، والشاذ لا يعتد به (٨).


(١) "الحاوي الكبير" (١/ ٦٥)، "المجموع" (١/ ٢٨٣).
(٢) "المغني" (٦/ ٣٦٣)، "شرح العمدة" [كتاب الطهارة] لابن تيمية (ص ١٢٨)، "الإنصاف" (١/ ٨٩)، "كشاف القناع" (١/ ٥٥).
(٣) أخرجه عنه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٤٦)، وذكره ابن المنذر في "الأوسط" (٢/ ٢٦٨). وجاء عنه رواية تخالف هذه الرواية، وهي القول بالجواز أخرجها ابن أبي شيبة (٥/ ٤٧)، وذكرها ابن حزم في "المحلى" (١/ ١٣١).
(٤) ويظهر أن مبنى الخلاف في مسألة البيع على القول بطهارة جلد الميتة بالدباغ.
(٥) "كشاف القناع" (١/ ٥٥) بتصرف.
(٦) المهذب (١/ ٢٨٣).
(٧) "الأوسط" (٢/ ٢٧٠)، "التمهيد" (٤/ ١٥٤). والليث بن سعد جاء عنه أنه قال: [لا بأس بالصلاة في جلد الميتة إذا دبغ، ولا بأس بالنعال من جلد الميتة إذا دبغ، ولا بأس بالاستقاء من جلد الميتة إذا دبغ، ولا بأس بالوضوء إذا دبغ] أخرجه ابن عبد البر، ثم قال معلقا [فهذه الرواية عن الليث بذكر شرط الدباغ أولى مما تقدم عنه]. وأقول: خاصة إذا كان فيها مخالفة لإجماع العلماء.
(٨) "التمهيد" (٤/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>