للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أبو العباس القرطبي (٦٥٦ هـ) يقول: [وبيع الغرر: هو البيع المشتمل على غرر مقصود؛ كبيع الأجنة، والسمك في الماء، والطير في الهواء، وما أشبه ذلك، فأما الغرر اليسير الذي ليس بمقصود، فلم يتناوله هذا النهي؛ لإجماع المسلمين على جواز إجارة العبد، والدار مشاهرة (١) ومساناة (٢)، مع جواز الموت وهدم الدار قبل ذلك] (٣).

• النووي (٦٧٦ هـ) يقول: [أجمع المسلمون على جواز أشياء فيها غرر حقير، وأجمعوا على بطلان بيع الأجنة في البطون، والطير في الهواء، قال العلماء: مدار البطلان بسبب الغرر والصحة مع وجوده. . . هو أنه إن دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة وكان الغرر حقيرا جاز البيع، وإلا فلا] (٤). ويقول أيضا: [والأصل أن بيع الغرر باطل. . .، والمراد: ما كان فيه غرر ظاهر يمكن الاحتراز عنه، فأما ما تدعوا الحاجة، ولا يمكن الاحتراز عنه؛ كأساس الدار، وشراء الحامل مع احتمال أن الحمل واحد أو أكثر، وذكر أو أنثى، وكامل الأعضاء أو ناقصها، وكشراء الشاة في ضرعها لبن، ونحو ذلك، فهذا يصح بيعه بالإجماع، ونقل العلماء الإجماع أيضا في أشياء غررها حقير، منها: أن الأمة أجمعت على صحة بيع الجبة المحشوة، وإن لم ير حشوها، ولو باع حشوها منفردا لم يصح. وأجمعوا على جواز إجارة الدار وغيرها شهرا، مع أنه قد يكون ثلاثين يوما، وقد يكون تسعة وعشرين. وأجمعوا على جواز دخول الحمام بأجرة، وعلى جواز الشرب من ماء السقاء بعوض مع اختلاف أحوال الناس في استعمال الماء أو مكثهم في الحمام] (٥). نقله عنه أبو زرعة العراقي (٦)،


(١) مشاهرة مأخوذة من الشهر، يقال: شاهر الأجير مشاهرة وشهارا، أي: استأجره للشهر.
ينظر: "المحكم والمحيط الأعظم" (٤/ ١٨٥)، "تهذيب اللغة" (١/ ٢٧٥).
(٢) مساناة مأخوذ من السنة، يقال: ساناه مساناة، عامله بالسنة. ينظر: "العين" (٤/ ٨)، "القاموس المحيط" (ص ١٦١٠).
(٣) "المفهم" (٤/ ٣٦٢).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (١٠/ ١٥٦).
(٥) "المجموع" (٩/ ٣١١). و (٩/ ٣٦٤) وذكر في الموضع الثاني الإجماع على بيع الجبة ونسبه للمازري.
(٦) أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين الكردي الرازياني ثم المصري أبو زرعة ولي الدين ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>