للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الغرر وهو محمول على الكثير دون القليل، وذلك لاتفاق العلماء على جواز بعض البيوع التي فيها غرر يسير، مما يُحتاج إليه ولا يمكن التحرز منه.

الثاني: أن الغرر لا يسلم منه بيع، ثم إنه لا يمكن الإحاطة بكل المبيع، لا بنظر ولا بصفة، والأغلبُ في العامِّ السلامة، إن لم يكن في تلك كان في آخر؛ لأجل هذا جاز في اليسير دون الكثير (١).

• المخالفون للإجماع:

خالف في هذه المسألة: ابن سيرين فقد ثبت عنه بإسناد صحيح أنه قال: [لا أعلم ببيع الغرر بأسا] (٢). ورُوي عن شريح أنه كان لا يرى بأسا ببيع الغرر، إذا كان علمهما فيه سواء (٣).

ولعلهم يستدلون بالعموم وهو: أن البيع قد توفرت فيه الشروط والأركان، فيبقى على أصل الإباحة.

وأجيب عن قولهما بعدة أجوبة منها:

أولًا: لعله لم يبلغهما النهي الوارد في سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ثانيًا: لعل مقصودهما ما كان الغرر فيه يسيرا.

ونوقش هذا الجواب: أنه يمنع من توجيه ذلك ما جاء عن ابن سيرين أنه قال: [لا بأس ببيع العبد الآبق، إذا كان علمهما فيه واحدا]. فهذا يدل على أنه يرى بيع الغرر إن سلم في المآل (٤).

ثالثًا: أن يقال بأن هذا القول شاذ لا يعتد به؛ لمخالفته الصريحة لسنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لشذوذ الخلاف فيها.


(١) "الاستذكار" (٦/ ٣٣٨).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٦١ - ٦٢)، وصححه ابن حجر في "الفتح" (٤/ ٣٥٧)، لكن ذكر بأنه أخرجه الطبري.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٦٢).
(٤) ينظر في هذين الجوابين: "فتح الباري" (٤/ ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>