للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبائر شتم الرجل والديه" قالوا: يا رسول اللَّه: وهل يشتم الرجل والديه؟ ! قال: "نعم! يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه" (١).

• وجه الدلالة: قال أبو العباس القرطبي: [دليل على أن سبب الشيء قد ينزله الشرع منزلة الشيء في المنع، فيكون حجة لمن منع بيع العنب ممن يعصره خمرا] (٢).

• المخالفون للإجماع:

هذه المسألة اختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال:

القول الأول: الجواز. وهذا قال به: الزهري، والثوري، والنخعي، والحسن، وعطاء في قول عنه (٣)، وأبو حنيفة (٤).

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الأول: أنه لا فساد في قصد البائع؛ إذ قصده التجارة فيما هو حلال لاكتساب الربح، والمحرم هو قصد المشتري حين يتخذه خمرا، فيكون الوزر عليه لا على البائع {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٥) وهذا كبيع الجارية ممن لا يستبرئها، أو يأتيها في غير المأتى (٦).


(١) أخرجه البخاري (٥٩٧٣)، (ص ١١٥٨)، ومسلم (٩٠)، (١/ ٨٩) واللفظ له.
(٢) "المفهم" (١/ ٢٨٥).
(٣) أخرجه عن الزهري: عبد الرزاق في "مصنفه" (٩/ ٢١٨)، وأخرجه عن عطاء والثوري: ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٢٥١)، وذكره عن النخعي: السرخسي في "المبسوط" (٢٤/ ٦)، وذكره عن الحسن: ابن المنذر نقله عنه ابن قدامة في "المغني" (٦/ ٣١٧). وقد أخرج ابن أبي شيبة عن عطاء أنه قال: [لا تبع العنب ممن يجعله خمرا] (٥/ ٢٥١).
(٤) "المبسوط" (٢٤/ ٦)، "العناية" (٣/ ٥٩)، "البناية" (١٢/ ٢٢٠). والذي قال به أبو حنيفة أنه لا بأس به. والمقصود بها في الغالب أن تركه أولى، كما أشار إليه في: غمز عيون البصائر (١/ ٩٨). وبعض علماء المذهب ذكر أن قول الإمام محمول على ما إذا كان سيبيعه على كافر، أما بيعه على المسلم فهو مكروه. وقد رد هذا الفهم ابن عابدين في حاشيته، لأنه يعارض ظاهر إطلاق الإمام. "رد المحتار" (٦/ ٣٩١).
(٥) الأنعام: الآية (١٦٤).
(٦) "المبسوط" (٢٤/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>