للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - عن أبي حاتم المزني (١) -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد". قالوا: يا رسول اللَّه، وإن كان فيه؟ قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه"، ثلاث مرات (٢).

• الخلاف في المسألة: أولًا: لا بد من بيان مراد الفقهاء بالدِّين المعتبر في الكفاءة، هل هو الدين الذي هو الإسلام؟ أم المراد به الديانة أي: التقوى؟ .

المتأمل لنقولات الفقهاء السابقة يتضع له أن المراد بالدين هو الإسلام، فلا يجوز أن تزوج مسلمة بكافر، وهذا حُكي عليه الإجماع بين الفقهاء، كما سبق. لكن ابن الهمام فسّر المراد بالدين الذي اعتبره الفقهاء في الكفاءة، بأنه التقوى لا اتفاق الدين، فإن الزوجة قد تعير بفسق زوجها (٣). وعلى هذا فهل يشترط أن يتكافأ الزوجان في التقوى، أم أنه يجوز أن تزوج المرأة التقية بفاسق من المسلمين؟ خلاف على قولين:

• القول الأول: ذهب الحنفية (٤)، والمالكية (٥)، والشافعية (٦)، والحنابلة (٧)، أنه لا يجوز أن تزوج المسلمة التقية، بالفاسق المسلم.

• دليل هذا القول:

١ - يستدل بما ذكر في مستند الإجماع.


(١) هو أبو حاتم المزني، يعد في أهل المدينة، اختلف في صحبته؛ فقال الترمذي، وابن حبان: له صحبة، وهو عند أبي داود من التابعين، وقال أبو زرعة: لا أعرف له صحبة. انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٦/ ٦٠)، "الإصابة" (٧/ ٦٨).
(٢) أخرجه الترمذي (١٠٨٧) (٢/ ٣٤٥)، وابن ماجه (١٩٦٧) (١/ ٦١٧)، عن أبي هريرة. قال الترمذي: حديث أبي حاتم المزني حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا نعرف له عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غير هذا الحديث. قال: وحديث أبي هريرة؛ قد خولف عبد الحميد بن سليمان فيه، فرواه الليث بن سعد عن ابن عجلان، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا.
قال الألباني: ولعل تحسين الترمذي المذكور إنما هو باعتبار شواهده، وخصوصًا حديث أبي هريرة. انظر: "إرواء الغليل" (٦/ ٢٦٦).
(٣) "فتح القدير" (٣/ ٢٩٩).
(٤) "الهداية" (١/ ٢١٩)، و"فتح القدير" (٣/ ٢٩٩).
(٥) "المعونة" (٢/ ٥٤٤)، و"القوانين الفقهية" (ص ١٩٦).
(٦) "الحاوي" (١١/ ١٤١)، و"البيان" (٩/ ٢٠١).
(٧) "المحرر" (٢/ ٤١)، و"الفروع" (٨/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>