للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: ولأن الناس يتفاوتون في الحفظ والأمانة، والمودع إنما رضي بحفظه وأمانته دون غيره، ولم يسلطه على أن يودعها غيره، فإذا دفعها إلى أجنبي، فقد صار تاركًا الحفظ الذي التزمه، مستحفظًا عليها من استحفظ منه، وذلك تفريط موجب للضمان.

الثالث: لأن سبب وجوب الضمان وجد من الثاني حقيقة وهو الاستهلاك، لوقوعه إعجازًا للمالك عن الانتفاع بماله على طريق القهر، ولم يوجد من الأول إلا الدفع إلى الثاني على طريق الاستحفاظ دون الإعجاز، إلا أنه ألحق ذلك بالإعجاز شرعًا في حق اختيار التضمين صورة لأنه باشر سبب الإعجاز فكان الضمان في الحقيقة على الثاني، لأن إقرار الضمان عليه (١).

• الخلاف في المسألة: اختلف العلماء في هذه المسألة إلى عدة أقوال، والخلاف في واقع الأمر متجه إلى صورتين اثنتين:

الصورة الأولى: أن يودعها عند غيره لغير عذر، وفي هذا قولان:

القول الأول: أن عليه الضمان، وهو مذهب الحنفية (٢)، المالكية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥)، وإسحاق (٦)، وحجة ما ذهبوا إليه ما يلي:

الأول: أنه خالف المودع فضمنها، كما لو نهاه عن إيداعها.

القول الثاني: أنه لا ضمان عليه، وهو قول ابن أبي ليلى (٧).

وحجة ما ذهب إليه ما يلي:


(١) انظر: تحفة المحتاج (٧/ ١٠٥)، وأسنى المطالب (٣/ ٧٦)، والقوانين الفقهية (ص ٣٧٩)، وكشاف القناع (٤/ ١٩٣)، والمبدع (٥/ ٢٣٨).
(٢) بدائع الصنائع (٦/ ٢٠٨).
(٣) المدونة الكبرى (٤/ ٤٣٣).
(٤) المجموع شرح المهذب (التكملة) (١٤/ ١٨٩).
(٥) الشرح الكبير (٥/ ٣٦٩).
(٦) المغني (٩/ ٢٥٩).
(٧) المبسوط (١١/ ١٤١ - ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>