للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: الحديث دليل على العفو عن ذوي الهيئات الذين وقعوا في المعاصي وهم غير معروفين بالشر، وهو يدل على أن للإمام ترك التعزير (١).

ويناقش: بأن الحديث صريح في أن الترك إنما هو إن كان ثمة مصلحة ككون الجاني من أهل المروءة الغير معروفين بالشر، وإنما وقعت منه المعصية زلة وعثرة منه، فترك تعزيره حينئذٍ هو المصلحة، والتقييد بذوي الهيئات يدل على عدم إقالة غيرهم.

الدليل الثالث: عن عبد اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنه-: أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير (٢) عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في شِراج الحرَّة (٣) التي يسقون بها النخل، فقال


= وصحَّحه الألباني كما في "صحيح الأدب المفرد" (١/ ١٩١)، و"السلسلة الصحيحة" (٢/ ٢٣٤)، وعلَّل ذلك بأمرين:
الأول: أن عبد الملك بن يزيد، لا يبلغ مرتبة الضعيف، وإنما حديثه حسن، حيث قال في "السلسلة الصحيحة" (٢/ ٢٣٤): "قد وثَّقه ابن حبان، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن الجنيد: ضعيف الحديث، فمثله حسن الحديث، إلا أن يتبين خطؤه، وهذا غير موجود في هذا الحديث".
الثاني: أن الحديث له توابع، فقد تابع عبد الملك ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد (١٦٥) من طريق أبي بكر بن نافع العمري عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة به.
انظر: البدر المنير (٨/ ٧٣٠)، المقاصد الحسنة (١٣٦)، لسان الميزان (٥/ ٣٧٦)، التلخيص الحبير (٤/ ١٥٠).
(١) انظر: سبل السلام (٢/ ٤٣١).
(٢) هو أبو عبد اللَّه، الزبير بن العوام بن خوبلد بن أسد القرشي الأسدي، حواري رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وابن عمته، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، أسلم وله اثنتا عشرة سنة وقيل ثمان سنين، وكان عمُّه يعلِّقه في حصير ويدخن عليه ليرجع إلى الكفر، فيأبى عن ذلك، مات سنة (٣٦ هـ). انظر: الاستيعاب (٢/ ٥١٢)، معجم الصحابة (٢/ ٤٢٤)، الإصابة (٢/ ٥٥٣).
(٣) الحرَّة في الأصل هي الأرض الملساء فيها حجارة سود، وهي موضع معروف في المدينة كانت تلك الشراج بها، والشِّراج: هي مجاري الماء السيل، مفردها شَرْج، والمراد مجاري السيول في تلك الأرض. انظر: معالم السنن (٤/ ١٨١)، شرح النووي (١٥/ ١٠٧)، فتح الباري (٥/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>