للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصاري: سرِّح الماء يمر، فأبى عليهم، فاختصموا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للزبير: (اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك)، فغضب الأنصاري فقال: يا رسول اللَّه أن كان ابن عمتك، فتلون وجه نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قال: (يا زبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر)، فقال الزبير: واللَّه إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (١) متفق عليه (٢).

الدليل الرابع: عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: قسم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قسمًا، فقال رجل: إنها لقسمة ما أريد بها وجه اللَّه، قال: فأتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فساورته، فغضب من ذلك غضبًا شديدًا واحمرَّ وجهه حتى تمنيت أني لم أذكره له، قال: ثم قال: (قد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر) متفق عليه (٣).

• وجه الدلالة من الحديثين: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ترك تعزير الأنصاري، مع أنه اتهمه في عدْله، وأنه حابى ابن عمته، وترك تعزير من اتهمه بعدم العدل في القسمة، وترْك تعزيرهما يدل على عدم وجوبه (٤).

ويناقش الاستدلال: باحتمال أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ترك تعزيرهما لأن المصلحة كانت تقتضي ذلك.

الترجيح: الذي يظهر -واللَّه أعلم- أن القول الأول هو الراجح، لأمرين:

الأول: أن التعزير إن كان لحقوق الآدميين، وطلب المجني عليه إقامته


(١) سورة النساء، آية (٦٥).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٢٣١)، ومسلم رقم (٢٣٥٧).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٣٢٢٤)، ومسلم رقم (١٠٦٢).
(٤) انظر: المغني (٩/ ١٤٩ - ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>