للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "من يشتريه مني؟ " فاشتراه نعيم بن عبد اللَّه (١) بثمانمائة درهم، فدفعها إليه (٢).

• وجه الدلالة من الحديثين: الحديث الأول يدل على المنع من بيع المدبر، والثاني يدل على الإباحة، فيفرق بين الحالتين، ويحمل على التفريق بين المطلق فيمنع، والمقيد فيباح (٣).

الثالث: القياس على الموصى بعتقه: فكما أنه يجوز بيعه، فكذلك المدبر تدبيرا مقيدا، بجامع أن كلا منهما معلق على أمر لا يُدرى هل يقع أو لا؟ .

• المخالفون للإجماع:

اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال:

القول الأول: جواز بيع المدبر عموما، من غير تفريق بين المطلق والمقيد منه. وهذا القول قال به: عائشة -رضي اللَّه عنها- (٤) ومجاهد وطاوس وعمر بن عبد العزيز (٥) وإسحاق وأبو ثور (٦). . . . . .


(١) نعيم بن عبد اللَّه بن أسيد بن عدي بن كعب القرشي العدوي المعروف بالنحام، قيل له ذلك؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: [دخلت الجنة فسمعت نحمة من نعيم]. والنحمة هي: السعلة التي تكون في آخر النحنحة الممدود آخرها، كان إسلامه قبل عمر، ولكنه لم يهاجر إلا قبيل فتح مكة؛ وذلك لأنه كان ينفق على أرامل بني عدي وأيتامهم، فلما أراد أن يهاجر قال له قومه: أقم ودن بأي دين شئت، قتل يوم أجنادين، "طبقات ابن سعد" (٤/ ١٣٨)، "الاستيعاب" (٤/ ١٥٠٧)، "الإصابة" (٦/ ٤٥٨).
(٢) أخرجه البخاري (٧١٨٦)، (ص ١٣٧١)، ومسلم (٩٩٧)، (٣/ ١٠٤٤).
(٣) ينظر: "معالم السنن" (٥/ ٤١٥ - ٤١٦).
(٤) أخرجه عنها: عبد الرزاق في "مصنفه" (٩/ ١٤١)، والشافعي في "الأم" (٧/ ٢٥٧).
(٥) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبو حفص القرشي الأموي المدني المصري، الخليفة الراشد، أشج بني أمية، من الأئمة المجتهدين، ولد عام (٦٣ هـ) وتولى الخلافة عام (٩٩ هـ) له أخبار عظيمة، وكلمات جليلة. توفي عام (١٠١ هـ). أفرده بالترجمة: ابن عبد الحكم، وابن الجوزي، والآجري. "طبقات ابن سعد" (٥/ ٣٣٠)، "سير أعلام النبلاء" (٥/ ١١٤).
(٦) إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان أبو ثور الكلبي البغدادي، ولد عام (١٧٠ هـ) الإمام الحافظ الحجة مفتي العراق، قال عنه ابن حبان: [كان أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وورعا وفضلا] =

<<  <  ج: ص:  >  >>