للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:

الأول: عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأن يحتزم أحدكم حُزمة من حطب، فيحملها على ظهره، فيبيعها، خير له من أن يسأل رجلا يعطيه أو يمنعه" (١).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز البيع لمن أخذ الحطب من الفلاة، والحطب من الكلأ المباح الذي لا يملكه أحد، فدل على أن من حاز المباح فقد ملكه، وجاز له بيعه.

الثاني: ما جاء أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "نهى عن بيع الماء إلا ما حُمِل منه" (٢).

الثالث: وهو استدلال بالعرف: يقول ابن قدامة: [وعلى ذلك مضت العادة في الأمصار ببيع الماء في الروايا، والحطب، والكلأ، من غير نكير] (٣).

• المخالفون للإجماع:

اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال:

القول الأول: لا يملك الماء بحال حتى وإن أحرزه إلى إنائه، وإنما يكون هو أولى به من غيره، وإذا كان لا يملك فلا يجوز له بيعه. وهذه هي الرواية الثانية عند الشافعية، واختارها ابن عقيل من الحنابلة (٤).

ويمكن أن يستدل لهؤلاء: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع الماء، والنهي عن بيعه حتى لا يقع ملكه لأحد، بل يكون حقا مشاعا بين الناس أجمعين.

القول الثاني: لا يجوز بيع الماء بحال من الأحوال، وله أن يملكه إذا أحرزه إلى ساقيته ونحوها، وإذا رده انتفى ملكه له. أما بيع الكلأ فيجوز بيعه مطلقا.


(١) أخرجه البخاري (١٤٧٠)، (ص ٢٨٧)، ومسلم (١٠٤٢)، (٢/ ٥٩٥).
(٢) أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (٧٥٥)، (ص ٣٨١). وقال قبله: [وفيه حديث مرفوع إلا أنه ليس له ذاك الإسناد] ثم ذكره، وهو عنده مرسل.
(٣) "المغني" (٦/ ١٤٧).
(٤) "الوسيط" (٤/ ٢٣٤)، "تحفة المحتاج" (٣/ ٥١٨)، "نهاية المحتاج" (٥/ ٣٥٤)، "المبدع" (٤/ ٢٢)، "الإنصاف" (٤/ ٢٩٠ - ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>