قلت: ومما سبق يتبن لك تساهل الهيثمي أيضاً في قوله في "مجمع الزوائد" (٨/٢٢٤) :
"رواه أبو يعلى والطبراني، وإسناده حسن"!
وهذا من إفراطه في الاعتماد على توثيق ابن حبان، كما يفعل بعض الناشئين والمعلقين اليوم! ويقابلهم آخرون، منهم من اشتهر بتتبع الأحاديث دالصحيحة، لتضعيفها بغير علم ولا كتاب منير، فلا يعتد بتوثيقه مطلقاً، ولو كان
الموثق منه روى عن جماعة من الثقات، ووثقه بعض الحفاظ المتأخرين أو صححوا حديثه، والحق وسط بين هؤلاء وهؤلاء.
وأما حديث (حيدة القشيري) الذي أشار إليه الحافظ، فقد عزاه في ترجمته من "الإصابة" إلى رواية البارودي والبيهقي في "الدلائل" من طريق داود بن أبي هند عن بهز بن حكيم عن أبيه عن حيدة بن معاوية - وهو جده -:
أنه خرج معتمراً في الجاهلية نحوه.
فأقول: لم أره في "الدلائل" من طريق داود بن أبي هند، وهو إسناد غريب، فإنهم لم يذكروا لداود رواية عن (بهز) ، ولا لـ (حكيم بن معاوية) - والد (بهز) - رواية عن جده (حيدة بن معاوية) ، وقد ذكر الحافظ في ترجمته عن البلاذري أنه لا تثبت له صحبة. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: فالبيهقي إنما أخرجه (٢/٢١) من طريق عيسى الغنجار: