" رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح ".
قلت: فهذا القول، مما لا يخفى بعده عن الصواب على من عرف ما بينا.
ويشبه هذا الحديث ما يتداوله كثير من العامة، وبعض أشباههم من الخاصة، زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم، فخرج من أحدهم ريح، فاستحيا أن يقوم من بين الناس، وكان قد أكل لحم جزور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سترا عليه:" من أكل لحم جزور فليتوضأ ". فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا!
وهذه القصة مع أنه لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه والتفسير فيما علمت، فإن أثرها سيىء جدا في الذين يروونها، فإنها تصرفهم عن العمل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لكل من أكل من لحم الإبل أن يتوضأ، كما ثبت في " صحيح مسلم " وغيره: قالوا: يا رسول الله أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا، قالوا: أفنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: توضأوا.
فهم يدفعون هذا الأمر الصحيح الصريح بأنه إنما كان سترا على ذلك الرجل، لا تشريعا! وليت شعري كيف يعقل هؤلاء مثل هذه القصة ويؤمنون بها، مع بعدها عن العقل السليم، والشرع القويم؟ ! فإنهم لوتفكروا فيها قليلا، لتبين لهم ما قلناه بوضوح، فإنه مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم أن يأمر بأمر لعلة زمنية. ثم لا يبين للناس تلك العلة، حتى يصير الأمر شريعة أبدية، كما وقع في هذا الأمر، فقد عمل به جماهير من أئمة الحديث والفقه، فلوأنه صلى الله عليه وسلم كان أمر به لتلك العلة المزعومة لبينها أتم البيان، حتى لا يضل هؤلاء الجماهير باتباعهم للأمر المطلق! ولكن قبح الله الوضاعين في كل عصر وكل مصر، فإنهم من أعظم الأسباب التي أبعدت كثيرا من المسلمين عن العمل بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الجماهير العاملين بهذا الأمر الكريم، ووفق الآخرين للاقتداء بهم في ذلك وفي اتباع كل سنة صحيحة. والله ولي التوفيق.
١١٣٣ - " أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميرا ولا كاتبا ولا عريفا ".
ضعيف.
أخرجه أبو داود (٢٩٣٣) وأحمد (٤/١٣٣) وابن عساكر في " تاريخ