هذا؛ ومن أجل النكارة المشار إليها في صدر هذا البحث خرجت الحديث هنا، وبيان عللها، مع أنها تمثل واقح كثير من شباب الصحوة المزعومة اليوم، الذين يرد بعضهم على بعض، ويطعن بعضهم في بعض للضغينة لا النصيحة، ووصل تعديهم وشرهم إلى بعض العلماء وأفاضلهم، ونبزوهم بشتى الألقاب، غير متأدبين بأدب الإسلام:" ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقه "، ومغرورين بنتف من العلم جمعوه من هنا وهناك حتى توهموا أنهم على شيء، وليسوا على شيء كما جاء في بعض أحاديث الفتن (١) وصرفوا قلوب كثير من الناس عنهم، بأقوال وفتاوى ينبىء عن جهل بالغ، مما يذكرنا بأنهم من الذين أشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الصحيح:
" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً؛ اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ". متفق عليه، وهو مخرج في" الروض النضير"(٥٧٩) .
وهو شاهد قوي جداً للطرف الأول من حديث الترجمة، وأما سائره، فلم أجد ما يشهد له، وإن كان معبراً عن واقع بعض الناس اليوم. والله المستعان.