عنها متظاهرين بأنهم من أهل العلم لا يبغون بذلك إلا تأييد ما عليه العامة من البدع والضلالات، فإنهم عند ذلك يصبحون من المجتهدين اجتهادا مطلقا، فيقولون من الأفكار والآراء والتأويلات ما لم يقله أحد من الأئمة المجتهدين، يفعلون ذلك، لا لمعرفة الحق بل لموافقة العامة! وأما فيما يتعلق بالسنة والعمل بها في كل فرع من فروع الشريعة فهنا يجمدون على آراء الأسلاف، ولا يجيزون لأنفسهم مخالفتها إلى السنة، ولوكانت هذه السنة صريحة في خلافها، لماذا؟ لأنهم مقلدون! فهلا ظللتم مقلدين أيضا في ترك هذه البدع التي لا يعرفها أسلافكم، فوسعكم ما وسعهم، ولم تحسنوا ما لم يحسنوا، لأن هذا اجتهاد منكم، وقد أغلقتم بابه على أنفسكم؟! بل هذا تشريع في الدين لم يأذن به رب العالمين، (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وإلى هذا يشير الإمام الشافعي رحمة الله عليه بقوله المشهور: " من استحسن فقد شرع ". فليت هؤلاء المقلدة إذ تمسكوا بالتقليد واحتجوا به - وهو ليس بحجة على مخالفيهم - استمروا في تقليدهم، فإنهم لوفعلوا ذلك لكان لهم العذر أو بعض العذر لأنه الذي في وسعهم، وأما أن يردوا الحق الثابت في السنة بدعوى التقليد، وأن ينصروا البدعة بالخروج عن التقليد إلى الاجتهاد المطلق، والقول بما لم يقله أحد من مقلديهم (بفتح اللام) ، فهذا سبيل لا أعتقد يقول به أحد من المسلمين. وخلاصة القول: أن حديث ابن مسعود هذا الموقوف لا متمسك به للمبتدعة، كيف وهو رضي الله عنه أشد الصحابة محاربة للبدع والنهي عن اتباعها، وأقواله وقصصه في ذلك معروفة في " سنن الدارمي " و" حلية الأولياء " وغيرهما، وحسبنا الآن منها قوله رضي الله عنه:" اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق ". فعليكم أيها المسلمون بالسنة تهتدوا وتفلحوا.
٥٣٤ - " الهر سبع ".
ضعيف.
رواه أحمد (٢ / ٤٤٢) والعقيلي (٣٣١) والبيهقي (١ / ٢٥١ - ٢٥٢) عن عيسى بن المسيب عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعا. وهذا سند ضعيف من أجل عيسى بن المسيب، ضعفه ابن معين، وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وغيرهم كما في " الميزان " للذهبي، ثم ساق له هذا الحديث وقال العقيلي:" ولا يتابعه إلا من هو مثله أو دونه ".