فأنى لهذا الإسناد الصلاح والقوة وفيه هذا الرجل المجهول؟! بل فيه جماعة آخرون مثله في الجهالة كما يشير لذلك كلام الهيثمي السابق، وهذا كله إذا لم يكن في إسناد الطبراني عتبة بن السكن المتهم، وإلا فقد سقط الإسناد بسببه من أصله! وقد قال النووي في " المجموع "(٥ / ٣٠٤) بعد أن عزاه للطبراني: وإسناده ضعيف.
وقال ابن الصلاح: ليس إسناده بالقائم ". وكذلك ضعفه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (٤ / ٤٢٠) وقال ابن القيم في " الزاد " (١ / ٢٠٦) : " لا يصح رفعه ".
واعلم أنه ليس للحديث ما يشهد له، وكل ما ذكره البعض إنما هو أثر موقوف على بعض التابعين الشاميين لا يصلح شاهدا للمرفوع بل هو يعله، وينزل به من الرفع إلى الوقف، وفي كلمة ابن القيم السابقة ما يشير إلى ما ذكرته عند التأمل.
على أنه شاهد قاصر إذ غاية ما فيه: " أنهم كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره: يا فلان قل لا إله إلا الله، قل أشهد أن لا إله إلا الله (ثلاث مرات) ، قل: ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد ". فأين فيه الشهادة على بقية الجمل المذكورة في الحديث مثل " ابن فلانة " و" أرشدني ... " وقول الملكين: " ما نصنع عند رجل " ... ".
وجملة القول أن الحديث منكر عندي إن لم يكن موضوعا. وقد قال الصنعاني في " سبل السلام "(٢ / ١٦١) : " ويتحصل من كلام أئمة التحقيق أنه حديث ضعيف، والعمل به بدعة ولا يغتر بكثرة من يفعله ". ولا يرد هنا ما اشتهر من القول بالعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، فإن هذا محله فيما ثبت مشروعيته بالكتاب أو السنة الصحيحة، أما ما ليس كذلك فلا يجوز العمل فيه بالحديث الضعيف، لأنه تشريع ولا يجوز ذلك بالحديث الضعيف، لأنه لا يفيد إلا الظن المرجوح اتفاقا فكيف يجوز العمل بمثله؟! فليتنبه لهذا من أراد السلامة في دينه، فإن الكثيرين عنه غافلون. نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق.
٦٠٠ - " جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها ".